1054 [ ص: 208 ] [ ص: 209 ] [ ص: 210 ] [ ص: 211 ] بسم الله الرحمن الرحمن صلى الله على محمد وآله وسلم ( 1 ) باب ما جاء في التسمية على الذبيحة

1011 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا رسول الله . إن ناسا من أهل البادية يأتوننا بلحمان . ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سموا الله عليها ، [ ص: 212 ] ثم كلوها .

21623 - قال مالك : ذلك في أول الإسلام .

التالي السابق

الشرح

21624 - قَالَ أَبُو عُمَرَ : لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ ، رَوَوْهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَغَيْرُهُ مُسْنَدًا .

21635 - وَقَدْ ذَكَرْنَا الطُّرُقَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ ، فِي " التَّمْهِيدِ " .

21626 - وَرَوَاهُ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ : ابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَيَحْيَى الْقِطَّانُ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، لَمْ يَتَجَاوَزُوهُ .

[ ص: 213 ] 21627 - وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ : أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ .

21628 - وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعَدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [ الْأَنْعَامِ : 121 ] لِقَوْلِهِ فِيهِ : لَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهِ أَمْ لَا .

21629 - وَهَذَا الْحَدِيثُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلُ بَادِيَتِهَا كَانُوا الَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ بِاللُّحْمَانِ .

21630 - وَالْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ .

21631 - وَقَدْ بَيَّنَّا فِي التَّمْهِيدِ ، مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْأَنْعَامِ : 121 ، وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا الْأَصْلُ فِيهِ .

[ ص: 214 ] 21632 - وَأَمَّا قَوْلُهُ : سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوهَا ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْأَكْلِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْبَرَكَةِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الذَّكَاةِ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ وَالْأَطْعِمَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى التَّذْكِيَةِ ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُظَنُّ بِهِ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ عَلَى ذَبِيحَتِهِ ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ ، وَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ مَا خَفِيَ أَمْرُهُ ، حَتَّى يَسْتَبِينَ فِيهِ غَيْرُهُ .

21633 - وَفِيمَا وَصَفْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ ، لَا فَرِيضَةٌ ، وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا مَا سَقَطَتْ بِالنِّسْيَانِ ; لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَمَلُهُ مِنَ الْفَرَائِضِ ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدِي مِنْ مُؤَكَّدَاتِ السُّنَنِ ، وَهِيَ آكَدُ مِنَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ ، وَعَلَى الْأَكْلِ .

21634 - وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ ، فَقَالَ : سَمِّ اللَّهَ ، وَكُلْ .

21624 - قال أبو عمر : لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث ، وقد أسنده جماعة ثقات ، رووه عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة وخرجه البخاري ، وغيره مسندا .

21635 - وقد ذكرنا الطرق عنهم بذلك ، في " التمهيد " .

21626 - ورواه مرسلا كما رواه مالك : ابن عيينة ، ويحيى القطان ، وسعيد بن عبد الرحمن ، وعمرو بن الحارث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، لم يتجاوزوه .

[ ص: 213 ] 21627 - وفيه من الفقه : أن التسمية على الذبيحة من سنن الإسلام .

21628 - وفيه دليل على أن هذا الحديث لم يكن إلا بعد نزول قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [ الأنعام : 121 ] لقوله فيه : لا ندري هل سموا الله عليه أم لا .

21629 - وهذا الحديث كان بالمدينة وأهل باديتها كانوا الذين يأتون إليهم باللحمان .

21630 - والأمر بالتسمية في سورة الأنعام ، وهي مكية .

21631 - وقد بينا في التمهيد ، معنى قوله ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه الأنعام : 121 ، وما للعلماء في ذلك وما الأصل فيه .

[ ص: 214 ] 21632 - وأما قوله : سموا الله عليها ثم كلوها ، فإن العلماء مجمعون على أن التسمية على الأكل مندوب إليها ، لما في ذلك من البركة ، وليس ذلك من شروط الذكاة لأن الميتة والأطعمة لا تحتاج إلى التذكية ، وإنما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليعلمهم أن المسلم لا يظن به ترك التسمية على ذبيحته ، ولا يظن به إلا الخير ، وأمره محمول على ذلك ما خفي أمره ، حتى يستبين فيه غيره .

21633 - وفيما وصفنا دليل على أن التسمية على الذبيحة سنة مسنونة ، لا فريضة ، ولو كانت فرضا ما سقطت بالنسيان ; لأن النسيان لا يسقط ما وجب عمله من الفرائض ، إلا أنها عندي من مؤكدات السنن ، وهي آكد من التسمية على الوضوء ، وعلى الأكل .

21634 - وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن أبي سلمة ، فقال : سم الله ، وكل .