نَطَقَتْ بِسِحْرٍ بَعْدَهَا غَيْرَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي حَلَالِهِ
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ بِمُنْتَظِمَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهُمَا فَصْلَا
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا
صَمُوتٌ إِذَا مَا الصَّمْتُ زَيَّنَ أَهْلَهُ وَفَتَّاقُ أَبْكَارِ الْكَلَامِ الْمُخَتَّمِ
وَعَى مَا وَعَى الْقُرْآنَ مِنْ كُلِّ حِكْمَةٍ وَنِيطَتْ لَهَا الْآدَابُ بِاللَّحْمِ وَالدَّمِ
كَأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ جُمِّعَ عِنْدَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهِ يَتَخَيَّرُ
فَلَمْ يَرْضَ إِلَّا كُلَّ بِكْرٍ ثَقِيلَةٍ تَكَادُ بَيَانًا مِنْ دَمِ الْجَوْفِ تَقْطُرُ
عَلِيمٌ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ مُلَقَّنٌ ذَكُورٌ لِمَا سَدَاهُ أَوَّلَ أَوَّلَا
تَرَى خُطَبَاءُ النَّاسِ يَوْمَ ارْتِجَالِهِ كَأَنَّهُمُ الْكَرْوَانُ عَايَنَ أَجَدْلَا
نطقت بسحر بعدها غير أنه من السحر لم يختلف في حلاله
إذا قال لم يترك مقالا لقائل بمنتظمات لا ترى بينهما فصلا
كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع لذي إربة في القول جدا ولا هزلا
صموت إذا ما الصمت زين أهله وفتاق أبكار الكلام المختم
وعى ما وعى القرآن من كل حكمة ونيطت لها الآداب باللحم والدم
كأن كلام الناس جمع عنده فيأخذ من أطرافه يتخير
فلم يرض إلا كل بكر ثقيلة تكاد بيانا من دم الجوف تقطر
عليم بتنزيل الكلام ملقن ذكور لما سداه أول أولا
ترى خطباء الناس يوم ارتجاله كأنهم الكروان عاين أجدلا