فصل : فأما ما يتضمنها فشيئان : تكبير وأذكار ، فأما عدد تكبيرها : فقد اختلف فيه على أربعة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب أكثر الصحابة ، وجمهور التابعين ، ومذهب الفقهاء أجمعين ، أنها أربع تكبيرات .
والمذهب الثاني : وهو قول ابن عباس ، وأنس ، ومحمد بن سيرين ، يكبر ثلاثا .
والمذهب الثالث : وهو قول حذيفة بن اليمان وزيد بن أرقم : يكبر خمسا .
والمذهب الرابع : وهو قول عبد الله بن مسعود : يكبر ما شاء من غير عدد محصور ، ولكن مذهب من هو خبر مروي ، والأربع أصحها وأولاها ؛ لأمور ثلاثة :
[ ص: 53 ] أحدها : أكثر رواية في أموات شتى ، فروى أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم النجاشي أربعا وروى كبر على سهل بن حنيف أنه صلى الله عليه وسلم سكينة أربعا . كبر على قبر
وروى أنس أنه صلى الله عليه وسلم كبر على ابنه إبراهيم عليه السلام أربعا آخر فعله صلى الله عليه وسلم فكان ناسخا لمتقدمه .
وروى ابن عباس وابن أبي أوفى أن آخر ما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربعا ، جنازة سهيل ابن بيضاء .
[ ص: 54 ] والثالث : عمل الصحابة رضي الله عنهم له وانعقاد إجماعهم عليه ، فأما عمل الصحابة ، فهو ما روي أن أبا بكر رضي الله عنه كبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ، وكبر علي على أبي بكر أربعا ، وكبر صهيب على عمر رضي الله عنهما أربعا ، وكبر الحسن على علي بن أبي طالب عليهما السلام أربعا .
[ ص: 55 ] فأما انعقاد الإجماع ، فهو ما روي أن إبراهيم النخعي قال : اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته في ، فقال قوم : يكبر أربعا ، وقال قوم : ثلاثا ، وقال قوم : خمسا ، فجمع التكبير على الجنازة عمر رضي الله عنه الصحابة رضي الله عنهم ، فاستشارهم فأجمعوا على أن يكبر فيها أربعا ، فكان انعقاد الإجماع مزيلا لحكم ما تقدم من الخلاف ، وكان أبو العباس بن سريج يجعل ذلك من الاختلاف المباح ، وليس بعضه بأولى من بعض ، وهذا قريب من مذهب ابن مسعود ، وما ذكرنا من انعقاد الإجماع يبطل هذا المذهب ، فهذا جملة القول في أعداد التكبير ، فأما الأذكار فيأتي فيما بعد إن شاء الله .