مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن افتتح ولم ينتظر تكبير الإمام ثم قضى مكانه " . فاته بعض الصلاة
قال الماوردي : وهو قول مالك وأبي يوسف .
وقال أبو حنيفة ومحمد : ينتظر تكبيرة الإحرام ولا يكبر قبله ، فإذا كبر الإمام كبر معه ، فإذا سلم الإمام قضى ما فاته ، احتجاجا بأن تكبيرات الجنازة جارية مجرى ركعات الصلاة ، فلما كان الرجل إذا سبقه الإمام بركعة لم يجز أن يصليها ثم يدخل معه ، كذلك إذا فاته تكبيرة ، لم يجز أن يبتدأها ثم يكبر معه .
والدلالة على ما قلنا : قوله صلى الله عليه وسلم : ولا يمكنه أن يصلي ما أدرك معه إلا بتقديم التكبير ، ولأنه أدرك جزءا مع الإمام بتقدم التكبير ، فجاز أن يأتي به كما يأتي بالتكبير قياسا على سائر الصلوات . " ما أدركتم فصلوا "
فأما ما احتج به أبو حنيفة فلا يصح لأنه يؤدي إلى أن يلزم المأموم أن يكون تكبيره مقارنا لتكبير الإمام ، وقد أجمعوا على أنه لو كبر بعد تكبيرة الإمام جاز ، وإذا جاز جاز لمن أتى بعده .
فإذا تقرر أن يكبر ولا ينتظر تكبيرة الإحرام ، فإن كان الإمام قد سبقه بتكبيرة واحدة ، افتتح الصلاة وقرأ الفاتحة ، فإن أدرك قراءة جميعها قبل التكبيرة الثانية فذلك جائز ، وإن قرأ [ ص: 59 ] بعضها ثم كبر الإمام قطع القراءة وكبر الثانية معه ، وقد يحمل الإمام عنه ما بقي من القراءة ، وإن كان أدركه في التكبيرة الثانية فدخل معه ، كانت له أولة يقرأ فيها الفاتحة ، ويبني على صلاة نفسه وهي للإمام ثانية يصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا سلم الإمام أتم الصلاة سواء كانت الجنازة موضوعة أو مرفوعة .