فصل : فإذا ثبت أن  موت الأمهات لا يبطل حق السخال ، فزكاتها بعد حول أمهاتها مأخوذ منها ، ولا يكلف إخراج الزكاة من الكبار ، إلا أن يكون فيها كبار   ، وبه قال  أبو يوسف      .  
وقال  مالك      : لا آخذ الزكاة إلا كبيرا ، ولا يجوز إخراج السخال بحال تعلقا بقول  سويد بن غفلة   قال :  أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " نهينا عن راضع لبن ، وإنما حقنا في الجذعة والثنية "  وبقول  عمر   رضي الله عنه لساعيه : " اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي ولا تأخذها "  ولأنه لو كان له ما قال كرام السن وفوق الجذاع والثنايا لم يؤخذ منها رفقا برب      [ ص: 122 ] المال ، فوجب إذا كان جميع ماله لئام السن ودون الجذاع والثنايا أن لا يؤخذ منها رفقا بالمساكين .  
ودليلنا عموم قوله تعالى : "  خذ من أموالهم صدقة      " ، [ التوبة : 103 ] ، فلم يجز لحق هذا الظاهر أن يكلفوا الزكاة من غيرها ،  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لمعاذ      : " إياك وكرائم أموالهم     " . فلما نهاه عن أخذ الكريم من المال الذي فيه كرام فلأن لا يأخذ الكريم من المال الذي ليس فيه كرام أولى ، ولأنه مال تجب الزكاة في عينه فوجب أن تؤخذ زكاته من عينه ، كالتمر الرديء ، فإن قيل : إنما لم يلزمه إخراج الجيد من التمر الرديء لأنه لو كان جيدا لزمه إخراج الجيد ، ولما تقرر أن المواشي لو كانت كرام السن لم يلزمه إخراج الزكاة لئيما . قيل : هذا حجتنا لأنه لما جاز أخذ الرديء من المال الذي لا يؤخذ من جيده الدون ، فلأن يجوز أخذ الدون من المال الذي يجوز أخذ الدون من جيده أولى ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم "  حقنا في الجذعة والثنية     " فمحمول على المال الذي فيه جذعة أو ثنية ، وأما  قول  عمر   رضي الله عنه " اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها " فقد قال " ولا تأخذ الأكولة "  ثم قال : وذلك عدل بين عدا المال وخياره ، فأخبر أن الفرض المطلوب هو وسط المال ، وليس أخذ الكبار من الصغار وسطا ، وأما ما ذكره من الاستدلال فغير صحيح ؛ لأنه قد يرتفق برب المال بما لا يرتفق المساكين بمثله ، ألا ترى أنه لو كانت ماشيته حوامل لم يكلف الزكاة منها رفقا به ، وليس يرتفق المساكين بمثله .  
				
						
						
