مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو أخرج عشرة دراهم فقال : إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته أو نافلة فكان ماله سالما لم يجزئه ؛ لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص إنما جعلها مشتركة بين فرض ونافلة ، ولو قال عن مالي الغائب إن كان سالما فإن لم يكن سالما فنافلة أجزأت عنه ؛ لأن إعطاءه عن الغائب هكذا وإن لم يقله " .
[ ص: 182 ] قال الماوردي : وهذا كما قال :
حالان : المال الغائب عن مالكه
أحدهما : أن يكون مستقرا في بلد مع وكيل أو نائب ، فعليه إخراج زكاته عن حوله في البلد الذي هو به .
والثاني : وهو مسألة الكتاب : أن يكون المال غير مستقر ببلد ، وإنما هو سائر في بر أو بحر لا يعرف مكانه ولا تعلم سلامته ، فليس عليه إخراج زكاته قبل وصوله ؟ فإن قيل : لو كان له عبد غائب لزمته زكاة فطره وإن لم يكن عالما بمكانه .
قيل : الفرق بينهما أن فطرة العبد في ذمة سيده من غير جنسه فلزمه إخراجها مع غيبته ، وزكاة المال في عينه أو من جنسه فلم يلزم إخراجها مع غيبته ولو كان في فطرة العبد ترتيب يذكر في موضعه ، فإذا ثبت أن إخراجها لا يلزمه فتطوع به وجب اعتبار نيته لتعلق الحكم بها ، فنبدأ بما نقله المزني ثم نعقبه بفروعه ، نقل المزني مسألتين :
إحداهما : أن يخرج عشرة دراهم ويقول : إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته أو نافلة فكان سالما لم يجزه ، لأنه أشرك في نيته بين الفرض والنفل ، ومن شرط الزكاة إخلاص النية للفرض .
والمسألة الثانية : أن يقول هذه زكاة مالي الغائب إن كان سالما ، فإن لم يكن سالما فنافلة ، فكان ماله سالما أجزأه لأمرين :
أحدهما : أنه أخلص النية مع سلامة المال ، وبنى ذلك على أصل ؛ لأن الأصل بقاء المال .
والثاني : أنه لو أخرجها بنية الفرض أو أطلق من غير شرط ، وقال : هذه زكاة مالي الغائب كان موجب ذلك أنه عن مالي الغائب إن كان سالما ، وإذا كان هذا الشرط من موجبه كان ذكره تأكيدا ، أو لم يكن مؤثرا في الإجزاء .