[ ص: 195 ] باب
قال المبادلة بالماشية والصدقة منها الشافعي رضي الله عنه : " وإذا بادل إبلا بإبل أو غنما بغنم أو بقرا ببقر أو صنفا بصنف غيرها ، فلا زكاة حتى يحول الحول على الثانية من يوم يملكها " .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
أما المبادلة فهو مبايعة الشيء بمثله ، كما أن المناقلة من مبايعة الأرض بأرض مثلها ، والمصارفة ، والمراطلة : هي مبايعة الذهب أو الفضة بذهب أو فضة ، فإذا بادل نصابا تجب الزكاة في عينه بنصاب تجب الزكاة في عينه استأنف الحول من وقت المبادلة ، سواء بادل جنسا بمثله أو بغير جنسه ، وسواء كان ذلك في الماشية أو غيرها ، وقال أبو حنيفة : إن كان في غير الأثمان استأنف كقولنا ، وإن كان في الأثمان مثل الذهب والفضة بنى ؛ لأن الأثمان لا تتغير عنده ، وقال مالك : إن بادل جنسا بجنس آخر كإبل ببقر استأنف ، وإن بادل جنسا بمثله كإبل بإبل ، أو بقر ببقر بنى على حوله ، استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم في أربعين شاة شاة ، وفي خمس من الإبل شاة ولم يفرق بين ما بادل أو لم يبادل ، ولأنه ملك نصابا من جنس حال حوله فوجب أن تجب زكاته ، أصله ما لم يبدل به ، قال : ولأنه قد ثبت أنه لو بادل سلعة بسلعة في مال التجارة بنى على الحول ولم يستأنف ، فكذلك في غير التجارة .
ودليلنا رواية عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والمال الحاصل بالمبادلة لم يحل عليه الحول فلم تجب فيه الزكاة . وروى لا زكاة على مال حتى يحول عليه الحول ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهذا أظهر نصا وأنفى للاحتمال من حديث لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول عند ربه عائشة ، ولأنه أصل في نفسه تجب الزكاة في عينه فوجب أن يكون حوله من يوم ملكه ، كما لو بادل إذا اتهب أو اشترى إبلا بذهب ، ولأنه بادل ما تجب الزكاة في عينه فوجب أن يكون حوله من يوم ملكه ، كما لو بادل جنسا بجنس غيره ، فأما استدلاله بالعموم فمخصوص بما ذكرنا ، وأما قياسه على ما لم يبادل فالمعنى فيه حلول الحول وتكامل النماء ، وأما مال التجارة فالفرق بينهما من وجهين :
[ ص: 196 ] أحدهما : أن في قيمته لا في عينه ، والقيمة موجودة في الحالين لم تنقطع بالمبادلة ، وزكاة هذا المال في عينه ، والعين قد زالت بالمبادلة . زكاة مال التجارة
والثاني : أن نماء التجارة لا يحصل إلا بالبيع والتصرف ، فإذا بادل لوفور النماء ، ونماء المواشي يفوت بالبيع وإنما يحصل بالحول ، فإذا بادل استأنف لفقد النماء . والله أعلم .