مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن ذكر أهله أنه أصابته جائحة أذهبته أو شيئا منه صدقوا فإن اتهموا حلفوا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا لم تخل دعواه من ثلاثة أحوال : خرص الخارص ثمرة رجل وسلمها إليه أمانة أو مضمونة فادعى تلفها ، أو تلف شيء منها بجائحة سماء كبرد أو جراد أو جناية آدمي كسرقة أو حريق
أحدها : أن يعلم استحالتها وكذبها ، فلا تسمع بحال ، وتؤخذ منه الزكاة .
والحال الثانية : أن يعلم صدقها وحدوثها ، فهي مسموعة وقوله فيها مقبول ولا يمين عليه ، ولا زكاة ، سواء أخذها أمانة أو ضمانا : لأنه إن أخذها أمانة فالأمين لا يضمن إلا بالتعدي ، وإن أخذها مضمونة فالضمان لا يلزمه إلا بالتصرف ، وإنما لم يلزمه الضمان وإن شرط عليه إلا بالتصرف : لأن أصل الزكاة أمانة غير مضمونة ، وما كان أصله غير مضمون لم يلزم فيه الضمان بالشرط فإن قيل : ما الفائدة في ضمانه قلنا : جواز التصرف المؤدي إلى الضمان .
والحالة الثالثة : أن يكون ما ادعاه مجوزا لا يقطع بصدقه ولا كذبه فالقول قوله فيما ادعاه : لأنه أمين وما ادعاه ممكن به ، فإن اتهم أحلف وفي اليمين وجهان :
أحدهما : استظهار ، فإن نكل عنها لم تؤخذ منه الزكاة .
والثاني : واجبة فإن نكل عنها أخذت منه الزكاة بالوجوب المتقدم لا بالنكول فإذا ثبت أن دعواه مسموعة وقوله مقبول نظر ، فإن لم يبق من الثمرة شيء فلا مطالبة عليه ، وإن بقي بعضها نظر في البعض ، فإن كان نصابا ففيه الزكاة ، وإن كان أقل من نصاب فعلى قولين مبنيين على اختلاف قوليه في الإمكان هل هو من شرائط الضمان أو من شرائط الوجوب ؟ فإن قيل : هو من شرائط الضمان ففيه الزكاة ، وإن قيل : من شرائط الوجوب فلا زكاة ، ومن أصحابنا من قال : عليه زكاة ما بقي قولا واحدا ، وجعل وجوب الزكاة في الثمار معتبرا ببدو الصلاح دون الإمكان .
[ ص: 228 ]