[ ص: 306 ] باب زكاة مال القراض
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ففيها قولان : أحدهما : أنه تزكى كلها لأنها ملك لرب المال أبدا حتى يسلم إليه رأس ماله ، وكذلك لو كان العامل نصرانيا فإذا سلم له رأس ماله اقتسما الربح ، وهذا أشبه والله أعلم ، والقول الثاني : أن الزكاة على رب المال في الألف والخمسمائة ووقفت زكاة خمسمائة فإن حال عليها حول من يوم صارت للعامل زكاها إن كان مسلما ، فإذا لم يبلغ ربحه إلا مائة درهم زكاها : لأنه خليط بها ولو كان رب المال نصرانيا والعامل مسلما فلا ربح لمسلم حتى يسلم إلى النصراني رأس ماله في القول الأول ، ثم يستقبل بربحه حولا ، والقول الثاني يحصي ذلك كله فإن سلم له ربحه أدى زكاته كما يؤدي ما مر عليه من السنين منذ كان له في المال فضل ، قال وإذا دفع الرجل ألف درهم قراضا على النصف فاشترى بها سلعة وحال الحول عليها وهي تساوي ألفين المزني : أولى بقوله عندي أن لا يكون على العامل زكاة حتى يحصل رأس المال : لأن هذا معناه في القراض : لأنه يقول لو كان له شركة في المال ثم نقص قدر الربح كان له في الباقي شرك فلا ربح له إلا بعد أداء رأس المال " .
قال الماوردي : أما القراض فبلغة أهل الحجاز ، وهي بلغة أهل المضاربة العراق ، فإذا دفع رجل ألفا قراضا إلى رجل على النصف من ربحها فاشترى بالألف سلعة ، وحال الحول عليها ، وقيمتها ألفان ففي زكاتها قولان : بناه على اختلاف قول الشافعي في العامل هل هو شريك في الربح أو أجير له فأحد قوليه : أنه أجير من المال بحصته من الربح المشروط له ، ولا يكون شريكا لرب المال فيه ، واختاره المزني ، ووجهه شيئان :
أحدهما : أن العامل إنما هو داخل ببدنه لا يملكه فلم يجز أن يكون شريكا : لأن شركة الأبدان لا تصح ، فثبت أنه أجير .
والثاني : أنه لو كان شريكا لكان يلحقه من الوضيعة والعجز كما يلحقه من الربح ، والفضل فلما لم يكن في العجز شريكا لم يكن في الربح شريكا .
[ ص: 307 ] والقول الثاني : أن العامل شريك في الربح بما شرط فيه .
ووجه ذلك شيئان :
أحدهما : أنه لو كان أجيرا لكان عوضه معلما ولا يستحقه وإن كان الربح معدوما ، فلما جازت جهالة عوضه ولم يستحق من المال شيئا عند عدم ربحه لم يجز أن يكون أجيرا وثبت كونه شريكا .
والثاني : هو أن الإجارة لازمة والشركة جائزة فلما ثبت أن المضاربة جائزة غير لازمة ثبت أن العامل شريك غير أجير .