[ ص: 397 ] باب النية في الصوم
قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجوز لأحد صيام فرض من شهر رمضان ولا نذر ولا كفارة إلا أن ينوي الصيام قبل الفجر " .
قال الماوردي : أما صيام النذر والكفارة ، فلا بد فيه من نية من الليل إجماعا فأما صيام رمضان فقد حكي عن زفر بن الهذيل ، أنه قال لا يفتقر إلى نية تعلقا بقوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه [ البقرة : 85 ] فأمر بصيامه ، ولم يأمر فيه بالنية قال : ولأن صوم رمضان مستحق الصوم يمنع من إيقاع غيره فيه ، فلم يفتقر إلى نية ، كالعيدين وأيام التشريق لما كان الفطر فيهما مستحقا ، لم يحتج إلى نية ، وذهب الشافعي وسائر الفقهاء إلى وجوب النية في شهر رمضان لقوله تعالى : وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [ الليل : 19 ، 20 ] ، فأخبر أن المجازاة لا تقع بمجرد الفعل حتى يبتغي به الفاعل وجه الله تعالى بإخلاص النية ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فنفى العمل إلا بنية وقال صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات لا يقبل الله عملا بغير نية .
وروت حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل
وروي لمن لم يبيت الصيام من الليل .
[ ص: 398 ] وروي لمن لم ينو الصيام قبل الفجر ، ولأن الصوم عبادة تتنوع فرضا ونفلا ، فوجب أن تكون النية من شرطها كالصلاة ، ولأن الصوم هو الإمساك ، والإمساك قد يقع تارة عبادة وتارة عادة ، فالعادة أن يمتنع من الأكل طول يومه لتصرفه بأشغاله ، أو تقدم ما يأكله فلم يكن بد من نية تميز بين إمساك العادة ، وإمساك العبادة ، فأما الآية فلا دليل فيها على سقوط النية لأنها مجملة ، وقد وردت السنة ببيانها وهي الأخبار الواردة في وجوب النية ، وأما الاستدلال بقوله : إنه مستحق الصيام فيه ، فالجواب عنه من وجهين :
[ ص: 399 ] أحدهما : إنه فاسد بمن بقي عليه من وقت الصلاة قدر ما يؤديها فيه ، فقد استحق زمانها عليه ، ومنع من إيقاع غيرها فيه ، ثم النية فيه واجبة فدل على فساد هذا الاستدلال .
[ ص: 400 ] والثاني : أن إيقاع غيره فيه لا يمنع لأنا قد نرى الإفطار يتخلله ، وفطر العيدين لما كان مستحقا يمتنع من إيقاع غيره فيه لم يتخلله غيره ، لاستحالة الصوم فيه ، فلم يصح الجمع بينهما ، وثبت ما ذكرنا من وجوب النية فيه .