فصل : وإذا فعليه كفارتان ، وكذلك لو وطئها في يوم ثالث ورابع ، كان عليه في كل يوم كفارة ، وسواء كفر عن الوطء الأول أم لا ، وقال وطئ الصائم زوجته في يوم من شهر رمضان عامدا ، ثم وطئها في يوم ثان أبو حنيفة إن كفر عن الوطء الأول ، فعليه للوطء الثاني كفارة أخرى وإن لم يكفر عن الأول فكفارة واحدة تجزيه عنهما قال ؛ لأن اسم رمضان يعم جميع الشهر فصار كالعبادة الواحدة واليوم الواحد الذي لا يلزم فيه إلا كفارة واحدة ، قال : ولأن شهر رمضان ركن من أركان الإسلام فشابه الحج الذي لا يلزم فيه إلا كفارة واحدة ، قال : ولأن الكفارات حدود وعقوبات ، إذ لا تجب إلا بمأثم مخصوص ، والحدود إذا ترادفت تداخلت ، وكان الحد الواحد نائبا عن جميعها كحد الزنا وشرب الخمر والقطع في السرقة فكذلك الكفارات ، ودليلنا هو أنه أفسد بوطئه صوم يومين ، لو كفر عن الأول لزمه الكفارة عن الثاني ، فوجب أن تلزمه الكفارة عن الثاني ، وإن لم يكفر عن الأول . أصله إذا كان اليومان من رمضان في عامين ، ولأنهما يومان لو أفرد كل واحد منهما بالفساد ، لزمته الكفارة ، فوجب إذا أفسدهما معا أن تلزمه كفارتان ، أصله إذا كفر عن اليوم الأول أو اليومين من رمضانين في عامين ، ولأن كل حكم تعلق بالجماع الأول تعلق بالجماع الثاني ، كالقضاء ولأن لكل يوم من الشهر حرمة يتميز بها عن الآخر لما يلزمه من تجديد النية ، ولا يتعدى فساد اليوم ، إلى غيره فوجب أن يلزمه بهتك حرمة يوم كفارة مجددة ، فأما قوله : إنه كالعبادة الواحدة ؛ لأن اسم الشهر يجمعه ، فالجواب وإن كان عبادة واحدة ، فإنه يجمع عبادات واحدة ، فإنه هي ركن واحد ، وعبادة واحدة ثم يجمع خمس صلوات في اليوم والليلة ، ولكل صلاة حكم [ ص: 428 ] نفسها في الصحة والفساد فكذلك الصيام يجب أن يختص كل يوم بحكم نفسه ، وأما اعتبارهم بالحج فلنا فيه قولان :
أحدهما : عليه لكل وطء كفارة واحدة فسقط هذا الاعتبار .
والقول الثاني : عليه كفارة واحدة والفرق بينه وبين الصيام من وجهين :
أحدهما : أن للحج إحراما ما يجمع أركانه ويتعدى فساد آخره في صحة أوله ، وليس كذلك صيام اليومين .
والثاني : أن الحج يلزمه إتمام فاسده وتستوي حرمة جميعه فإذا وجبت الكفارة لحرمة بعضه ، فهي نائبة عن حرمة جميعه وليس كذلك صيام اليومين ، وأما قياسهم على الحدود فالمعنى فيها أنها حق لله تعالى ليس لآدمي فيها نصيب ، فلذلك تداخلت ، والكفارات تتعلق بحقوق الآدميين ، فلم تتداخل فصح أن عليه لكل يوم كفارة .