مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " فإن مات أطعم عنه ، وإن لم يمكنه القضاء حتى مات فلا كفارة عليه " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال :  إذا وجب عليه صيام أيام من نذر أو كفارة أو قضاء فلم يصمها حتى مات   ، فله حالان :  
أحدهما : أن يموت بعد إمكان القضاء .  
والثاني : أن يموت قبل إمكان القضاء ، فإن مات قبل إمكان القضاء سقط عنه الصوم ولا كفارة في ماله ، وإن مات بعد إمكان القضاء ، سقط عنه الصوم أيضا ووجب في ماله الكفارة عن كل يوم مد من طعام ، ولا يجوز لوليه أن يصوم عنه بعد موته ، هذا مذهب  الشافعي   في القديم والجديد ، وبه قال  مالك   وأبو حنيفة   وهو إجماع الصحابة .  
وقال  أحمد   وإسحاق   وأبو ثور      : يصوم عنه وليه إن شاء أو يستأجر من يصوم عنه ، وقد حكى بعض أصحابنا هذا القول عن  الشافعي   في القديم ، قال : لأنه قال وقد روي في ذلك خبر فإن صح قلت به ، فخرجه قولا ثانيا ، وأنكره سائر أصحابنا أن يكون  للشافعي   مذهبا ، واستدل من أجاز  الصوم عن الميت   بما رواه  عروة   عن  عائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  من مات وعليه الصيام صام عنه وليه "  قد رواه أيضا  ابن بريدة   عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم      [ ص: 453 ] وروى  سعد بن أبي وقاص   أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها صوم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " اقض عنها "  وروى  سعيد بن جبير   عن  ابن عباس   أن امرأة ركبت البحر فنذرت أن تصوم شهرا ، فماتت قبل أن تصوم فسأل أخوها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالصيام عنها  قال : ولأنها عبادة يدخلها الجبران بالمال فجاز أن تدخلها النيابة كالحج ، والدلالة على صحة قولنا رواية  نافع   عن  ابن عمر   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :    " من مات وعليه صوم رمضان فليطعم عن كل يوم مسكينا "  فأسقط القضاء وأمر بالكفارة ، وروى  نافع   عن  ابن عمر   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :    " من أفطر في رمضان بمرض ، ولم يقض حتى مات ، أطعم عن كل يوم مدين "  يعني مدا للقضاء ومدا للتأخير ؛ لأنه إجماع الصحابة .  
روي  عن  ابن عباس   وعمر   وعائشة  رضي الله عنهم ، أنهم قالوا : من مات وعليه صوم أطعم عنه ، ولا يصوم أحد عن أحد ،  ولا مخالف لهم ، ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة مع العجز ، فوجب أن لا تدخلها النيابة بعد الوفاة ، أصله الصلاة ، وعكسه الحج ولأن الصوم إذا فات انتقل عنه إلى المال لا إلى النيابة كالشيخ الهرم فأما ما رووه من الأخبار ، فالمراد بها فعل ما ينوب عن الصيام من الإطعام بدليل ما ذكرنا ، وأما قياسهم على الحج ، فالمعنى فيه جواز النيابة في حال الحياة .  
				
						
						
