فصل : والاستطاعة الثالثة : أن  يكون مستطيعا بماله معضوبا في بدنه ، لا يقدر أن يثبت على مركب لضعفه وزمانته   ، ففرض الحج عليه واجب ، وعليه أن يستأجر من يحج عنه ، إذا كان فرضه غير مرجو وبه قال من الصحابة  علي بن أبي طالب   عليه السلام ، ومن التابعين  الحسن البصري   رحمه الله ، ومن الفقهاء  الثوري   وأحمد   وإسحاق   وقال  أبو حنيفة   إن  قدر على      [ ص: 9 ] الحج قبل زمانته   لزمه الحج ، وإن لم يقدر عليه ، وقال  مالك   لا حج عليه بحال ولا يجوز أن  يستأجر من يحج عنه في حال حياته   ، فإن  أوصى أن يحج عنه بعد وفاته   جاز ، واستدل بقوله تعالى :  وأن ليس للإنسان إلا ما سعى      [ النجم : 39 ] ، وفعل غيره ليس من سعيه ، وبقوله تعالى :  ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا      [ آل عمران : 97 ] ، والمعضوب لا يستطيع السبيل إليه ، قال : ولأن كل عبادة لا تصح النيابة فيها مع القدرة لا تصح النيابة فيها مع العجز كالصيام والصلاة ودليلنا ما روي عن  ابن عمر   أن رجلا قام عند نزول قوله تعالى :  ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا      [ آل عمران : 97 ] ، فقال يا رسول الله ما السبيل ؟ فقال : زاد وراحلة     . فصار وجوب الحج متعلقا بوجود الزاد والراحلة .  
وروى  سلمان بن يسار   عن  ابن عباس   أن امرأة من  خثعم   ، قالت : يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة فهل ترى أن أحج عنه ، قال : نعم . قالت : أوينفعه ذاك ، فقال : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ؟ قالت : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى     . وفي هذا الحديث دليل على وجوب الحج عليه ، وعلى جواز النيابة عنه ولأنها عبادة يجب بإفسادها الكفارة ، فوجب أن يجب على المعضوب كالصيام ، فأما الجواب عن قوله تعالى :  وأن ليس للإنسان إلا ما سعى      [ النجم : 39 ] ، فقد وجد من المعضوب السعي ، وهو بذل المال ، والاستئجار ، وأما قيامه على الصلاة ، فالمعنى فيها : أنها لا تدخلها النيابة بحال .  
				
						
						
