فصل : فأما  صيد الحل إذا أدخل الحرم بعد صيده   فحكمه حكم صيد الحل دون الحرم ، فيجوز إمساكه وذبحه ، ولا جزاء في قتله ، وقال  أبو حنيفة      : قد صار حكمه بدخول الحرم حكم الصيد الحرم ، فلا يجوز إمساكه ولا ذبحه ، والجزاء واجب على قاتله تعلقا بقوله تعالى :  ومن دخله كان آمنا      [ آل عمران : 97 ] ، فجعل الله تعالى أمان الداخل إليه كأمان القاطن فيه ، فوجب أن يستوي حكمهما ، وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم :  ولا ينفر صيدها     : ولأن  كل ما كان مانعا من الاصطياد كان مانعا من قتل الصيد كالإحرام   ، والدلالة عليه : أن صيد الحرم حرام كما أن صيد  المدينة   حرام ، فلما جاز إدخال الصيد إلى حرم  المدينة   وإمساكه فيه ، لقوله صلى الله عليه وسلم :  يا  أبا عمير   ما فعل النغير  فأقره على إمساك الصيد في حرم  المدينة   ، وإن كان قد حرم صيد  المدينة   فكذلك  يجوز إدخال الصيد إلى الحرم   ، وإن لم يجز قتل صيد الحرم .  
وتحرير ذلك قياسا : أنه موضع حرم قتل صيده ، فوجب أن لا يحرم فيه قتل ما صيد في غيره  كالمدينة      : ولأن  صيد الحرم لو صيد وأخرج إلى الحل   لم يزل عنه حكم الحرم ، وكان على حاله الأولى في تحريم قتله ، وجب إذا صاد من الحل صيدا أو أدخله الحرم أن لا يزول عنه حكم الحل ويكون على حاله الأولى في إباحة قتله .  
وتحرير ذلك قياسا : أنه صيد أوجب إمساكه حكما فوجب ألا ينتقل عن حكمه بانتقاله عن موضعه قياسا على ما ذكرناه من صيد الحرم إذا أخرج إلى الحل : ولأن  الله تعالى حظر صيد الحرم على أهل الحل والحرم ، وأباح صيد الحل لأهل الحل والحرم   ، فلو منع من أن يذبح صيد الحل في الحرم ، لأنهم لا يقدرون على ذبحه في الحرم ، لأدى إلى حظر صيد الحل على أهل الحرم ، وإن ذبحوه في الحل راح وأنتن عند إدخاله الحرم فجاز لهم ذبح      [ ص: 317 ] الصيد في الحرم ليستبيحوا ما أحل الله لهم ، وقد قال  الشافعي      : لم تكن لحوم الصيد تباع  بمكة   إلا بين  الصفا   والمروة   ، فأما الجواب عن قوله تعالى :  ومن دخله كان آمنا      [ آل عمران : 97 ] ، فمن " وجهين :  
أحدهما : أن لفظة " من " لا تتناول ما لا يعقل .  
والثاني : أن قوله تعالى :  ومن دخله   والصيد لم يدخله وإنما أدخل إليه ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم :  لا ينفر صيدها  لا يتناول ما أدخل إليها لأنه ليس من صيدها ، وأما قياسهم على الإحرام فمعناهما يختلف : لأن الله تعالى حرم قتل الصيد على المحرم ، وحرم قتل صيد الحرم ، وما أدخل الحرم مصيدا لم يكن من صيد الحرم ، فجاز قتله ، وما صيد قبل الإحرام ثم أحرم فهو قتل صيد من محرم ، فوجب أن يحرم قتله .  
				
						
						
