فصل : فأما القسم الثاني : وهو أن يكون الهدي واجبا في الذمة كدماء الحج فيعينه في هدي بعينه فيقول : هذا عما علي من فقد عاد إلى ملكه وجاز أن يتصرف فيه ببيع أو غيره وإن نحره كان لحما على ملكه يأكل منه إن شاء ويطعم منه من يشاء ويبيعه إن شاء ؛ نص على ذلك هدي المتعة أو القران فإن عطب عليه في الطريق قبل بلوغ محله الشافعي ، وإنما كان كذلك لأنه وجب بالتعيين ليكون مسقطا لما في الذمة فإذا غاب لم يسقط ما في الذمة فلم تجب فيه بالتعيين كرجل قال : لله علي أن أعتق هذا العبد عن كفارتي فقد تعين عليه عتقه في كفارته ، فإن غاب لم يلزمه عتقه : لأنه لا يجزئه عن كفارته .
فإذا تقرر أنه يعود إلى ملكه بحدوث العيب ويجوز أن يصنع فيه ما شاء من بيع وغيره فعليه إخراج بدله : لأن ما في الذمة باق لحاله ، فإذا أخرج بدله نظر فإن كانت قيمته مثل قيمة الأول أو أكثر أجزأه وإن كانت قيمته أقل من قيمة الأول فهل يجزئه إخراج ما بينهما من الفضل ؟ على قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم : عليه إخراج ما بينهما من الفضل يتصدق به على مساكين الحرم ، لأنه قد التزم الزيادة بتعيين الأول .
[ ص: 383 ] والقول الثاني : قال في الجديد وهو الصحيح : ليس عليه إخراج ما بينهما من الفضل : لأن حدوث العيب في الأول قد أبطل وجوبه فسقط حكمه .