مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا يجوز أن وإن اختلف الجنسان جازا متفاضلين يدا بيد ، قياسا على الذهب الذي لا يجوز أن يسلف في الفضة ، والفضة التي لا يجوز أن تسلف في الذهب . يسلف شيئا بما يكال أو يوزن من المأكول والمشروب في شيء منه
قال الماوردي : وهذا صحيح . وجملته أن الرجلين إذا تبايعا لم يخل ما يضمنه عقد بيعهما عوضا ومعوضا من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون العوضان مما لا ربا فيه ، فلا بأس ببيعه نقدا ونساء متفاضلا ومتماثلا ، سواء كانا من جنسين كبيع ثوب بعبد ، أو كانا من جنس واحد كبيع ثوب بثوبين ، وعبد بعبدين .
والقسم الثاني : أن يكون في أحد العوضين الربا دون الآخر كبيع عبد بدراهم ، أو ثوب بطعام فهذا كالقسم الذي قبله يجوز العقد عليهما نقدا ونساء ، ويجوز أن يسلم أحدهما في الآخر .
والقسم الثالث : أن يكون العوضان مما فيه الربا بعلتين مختلفتين كالبر بالذهب أو الشعير بالفضة فهذا كالقسمين الماضيين في جواز العقد عليهما نقدا ونساء وإسلام أحدهما في الآخر .
والقسم الرابع : أن يكون العوضان مما فيه الربا بعلة واحدة كالبر بالشعير أو بالبر ، والذهب بالفضة أو بالذهب ، فلا يجوز إسلام أحدهما في الآخر لاشتراكهما في العلة . ثم ينظر في حال العوضين فإن كانا من جنس واحد كالبر بالبر أو الشعير بالشعير فلا يصح بيعهما إلا بشرطين : التساوي ، والتقابض قبل الافتراق .
وقال أبو حنيفة : يصح وإن تفرقا قبل القبض وقد مضى الكلام معه .
[ ص: 100 ] وإن كان العوضان من جنسين كالبر بالشعير ، أو التمر بالزبيب فبيعه معتبر بشرط واحد وهو التقابض قبل الافتراق ، والتفاضل فيه يجوز ، وقد مضى في هذا المعنى ما يغني . والله أعلم .