مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن كانت فيها حجارة مستودعة فعلى البائع نقلها وتسوية الأرض على حالها ، لا يتركها حفرا ، ولو كان غرس عليها شجرا فإن كانت تضر بعروق الشجر فللمشتري الخيار ، وإن كانت لا تضر بها ويضرها إذا أراد قلعها ، قيل للبائع : أنت بالخيار إن سلمتها فالبيع جائز ، وإن أبيت ، قيل للمشتري : أنت بالخيار في الرد أو يقلعه ، ويكون عليه قيمة ما أفسد عليك " .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
لم يخل حالها من ثلاثة أقسام : إذا ابتاع أرضا فظهرت فيها حجارة
أحدها : أن تكون مخلوقة في الأرض .
والثاني : أن تكون مبنية فيها .
والثالث : أن تكون مستودعة فيها .
فإن كانت الحجارة مخلوقة في الأرض ، فهي داخلة في البيع كما يدخل في البيع قرار الأرض وطينها ، ثم لا يخلو حالها إذا كانت مخلوقة من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تكون الحجارة مضرة بالأرض في الغرس والزرع جميعا ، فهذا عيب يستحق المشتري به خيار الفسخ إلا أن تكون الأرض مبيعة لغير الغراس والزرع .
والحال الثانية : أن تكون الحجارة غير مضرة بالغراس ولا بالزرع لبعد ما بينهما وبين وجه الأرض بحيث لا يصل إليها عرق زرع ولا غرس ، فليس هذا بعيب ولا خيار للمشتري .
والحال الثالثة : أن تكون الحجارة مضرة بالغراس لوصول عروقه إليها ، وغير مضرة بالزرع لبعد عروقه منها ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون ذلك عيبا يوجب الخيار للمشتري على وجهين :
أحدهما : هو عيب لأنه قد منع بعض منافعها .
[ ص: 186 ] والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي ، أنه ليس بعيب ولا خيار فيه : لأن الأرض إذا كانت تصلح للغرس دون الزرع أو تصلح للزرع دون الغرس لم يكن ذلك عيبا : لكمال المنفعة بأحدهما ، كذلك ما وجد فيها مانعا من الغرس دون الزرع لم يكن عيبا ولا خيار .
والأصح عندي أن ينظر في أرض تلك الناحية ، فإن كانت مرصدة للزرع ، أو بعضها للغرس وبعضها للزرع فليس هذا عيبا ولا خيار فيه .
وإن كانت مرصدة للغرس فهذا عيب وفيه الخيار : لأن العرف المعتاد يجري في العقود مجرى الشرط ، ولعل اختلاف الوجهين محمول على هذا التفصيل ، فلا يكون في الجواب اختلاف ، لكن ذكرت ما حكى وبينت ما اقتضته الدلالة عندي .