فصل : فأما فلا يخلو بيعه من ثلاثة أقسام : ما بدا صلاحه من الثمار
أحدها : أن يباع بشرط القطع فيجوز بيعها إجماعا .
القسم الثاني : أن يباع بشرط الترك إلى وقت الجداد فيجوز بيعها ويلزم تركها .
وقال أبو حنيفة : بيعها باطل : احتجاجا بأنها عين بيعت بشرط تأخير القبض ، فوجب أن يكون بيعها باطل كالعروض والأمتعة .
ولأنها ثمرة بيعت بشرط الترك فوجب أن يكون بيعها باطلا ، كالثمرة التي لم يبد صلاحها ودليلنا : فجعل غاية النهي بدو الصلاح ، والحكم بعد الغاية يجب أن يكون مخالفا لما قبلها ، فلما لم يجز اشتراط الترك قبل بدو الصلاح اقتضى أن يكون اشتراطه بعد بدو الصلاح . نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها
ولأن الشرط إذا كان موافقا للعرف لم يقدح في صحة العقد ، وقد ذكرنا أن العرف في الثمر تركها إلى وقت الجداد ، وهذا لا يفسد العقد ، وكذا ما وافقه من الشرط .
وأما الجواب عما ذكروه من أنه مبيع شرط فيه تأخير القبض ، فمن وجهين : أحدهما : أن القبض يتأخر : لأن القبض في الثمار بالتمكين منها كالعقار .
والثاني : أنه لما كان العرف في الثمار تأخير قبضها جاز اشتراطه فيها ، ولما لم يجز العرف في العروض بتأخير قبضها لم يجز اشتراطه فيها .
وأما قياسه على ما لم يبد صلاحه فلا يصح : لأن السنة قد فرقت بينهما في الجواز والمنع ، فهذا حكم القسم الثاني .
وأما القسم الثالث : فهو أن يبيعها مطلقا ، فالبيع جائز وللمشتري تركها إلى وقت الجداد .
وقال أبو حنيفة : بيعها جائز وعلى المشتري قطعها في الحال بناء على أصله في أن إطلاق العقد يقتضي القطع ، وإطلاقه عندنا يقتضي الترك ، وقد تقدم القول فيه اعتبارا بالعرف . والله أعلم .