فصل : : وإن كان المبيع مكيلا أو موزونا قبضه يتم بشيئين
أحدهما : كيل المكيل ووزن الموزون . والثاني : النقل والتحويل . فإن نقله عن مكيل من غير كيل ولا وزن صار من ضمانه لكن لم يتم القبض ، فلا يجوز له بيعه حتى يكال أو يوزن ، وإن اكتاله أو وزنه ولم يحوله لم [ ص: 228 ] يتم القبض ولم يصر مضمونا عليه : لأنه لم يخرج عن يد بائعه ، ثم لا يصح هذا القبض إلا بحضور البائع كيله أو حضور وكيله فيه ، وحضور المشتري لاكتياله أو حضور وكيله فيه ، وحضور المشتري سواء تقابضا الثمن أم لا .
فلو أذن البائع للمشتري أن يكتاله لنفسه لم يصح إلا أن يكون عند الكيل مقبض من جهة البائع ، وقابض من جهة المشتري ، ويكون الكيال أمينا يرضيان به ، فلو قال البائع : أنا أكيله لنفسي ، لم يلزم المشتري الرضا به ، ولو قال المشتري : أنا أكتاله لنفسي ، لم يلزم البائع الرضا به . فإن تراضيا بكيال وإلا نصب الحاكم لهما كيالا أمينا ، وأجرة الكيال واجبة على البائع : لأن الكيل من حقوق التسليم .
وقال أبو حنيفة : أجرة الذي يملأ القفيز على البائع ، وأجرة الذي يفرغ على المشتري .
وهذا غير صحيح : لأن تفريغ القفيز من تمام التسليم ، فأما أجرة وزان الثمن فلازمة للمشتري : لأن وزان الثمن من حقوق التسليم ، وأما أجرة ناقد الثمن فعلى وجهين :
أحدهما : على المشتري أيضا مع أجرة الوزان : لأن النقد من كمال التسليم .
والثاني : على البائع : لأنه يستظهر بذلك لنفسه . وما اشتري كيلا فلا يتم قبضه بالوزن ، وكذا ما اشتري وزنا لا يتم قبضه بالكيل ، ولو اشترى منه بمكيال فاكتاله بغير جنس ذلك المكيال لم يجز ، مثل أن يشتري منه مائة صاع من طعام قد اكتاله بالقفيز لم يتم القبض ، كما لو قبض المكيل بالوزن ، ولكن لو اشترى منه قفيزا من طعام فاكتاله منه بالمكيل الذي هو ربع القفيز ، ففيه وجهان . وكذا لو اكتال الصاع بالمد كان على وجهين ، فأما المعدود فيقبضه بالعدد والتحويل .