مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو أسلم في طعام ، وباع طعاما آخر فأحضر المشتري من اكتاله من بائعه وقال أكتاله لك ، لم يجز : لأنه بيع الطعام قبل أن يقبض " .
قال الماوردي : اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة : فقال بعضهم : صورتها في رجل أسلم في طعام إلى رجل فلما حل الطعام باعه على آخر قبل قبضه ، فهذا بيع باطل : لرواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " .
[ ص: 231 ] وقال آخرون : بل صورتها في رجل أسلم إلى رجل في طعام إلى أجل وأسلم إليه غيره في طعام إلى مثل ذلك الأجل ، فحل الطعام الذي له وحل الطعام الذي عليه ، فقال لمن له عليه الطعام : احضر معي إلى من لي عليه الطعام حتى أكتاله لك منه وأقبضه ، لم يجز : لرواية الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم " " وقد رواه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان ابن سيرين مسندا عن أنس ، ومعنى الصاعين صاع البائع وصاع المشتري : ولأنهما عقدان يفتقر كل واحد منهما إلى قبض ، فلم يجز أن يكون القبض الواحد نايبا عن العقدين ، فعلى هذا يكون القبض نايبا عما ابتاعه ولا ينوب عما باعه حتى يستأنف كيله عليه ، فإن تسلمه المشتري منه بذلك الكيل صار من ضمانه ، وإن كان القبض فاسدا : فإن زاد الطعام بالكيل الثاني كانت الزيادة له ، وإن نقص كان النقصان عليه إن جاز أن يكون مثله بين الكيلين .