مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا يقبض الذي له طعام من طعام يشتريه لنفسه : لأنه لا يكون وكيلا لنفسه مستوفيا لها قابضا منها " .
قال الماوردي : وهذه المسألة مصورة فيمن ، فلا يخلو ذلك من ثلاثة أحوال : حل عليه طعام من سلم فدفع إلى من له عليه الطعام دراهم ليشتري بها طعاما
أحدها : أن يكون دافع الدراهم قد أمره أن يشتري بها طعاما لنفسه ويقبضه لنفسه - أعني لدافع الدراهم - ثم يأخذ بالكيل الذي قد اكتاله ، فهذا الشرط جائز ، والقبض صحيح للدافع : لأنه ابتاع وقبض عن وكالة صحيحة ، ولا يجوز للوكيل أن يأخذ ذلك الطعام لنفسه بالكيل الأول حتى يستأنف دافع الدراهم كيله عليه ، فإن أخذه بذلك الكيل صار مضمونا عليه بقبض فاسد .
والحالة الثانية : أن يأمره أن يشتري الطعام لنفسه - أعني لدافع الدراهم - ويقبضه الوكيل لنفسه بدلا من طعامه فالشراء جائز أيضا للدافع الموكل ، ولا يصح أن يقبضه الوكيل لنفسه ، وهل يكون ذلك مقبوضا للدافع الموكل على ما ذكرنا من الوجهين .
والحالة الثالثة : أن يأمره بالشراء ليكون الشراء للوكيل حتى يشتريه لنفسه بدلا من طعامه ، فهذا غير جائز : لأنه لا يصح أن يشتري شيئا لنفسه بمال غيره ، فإذا اشترى الوكيل بتلك [ ص: 233 ] الدراهم طعاما نظر : فإن كان قد اشتراه بعين المال كان الشراء باطلا ، وإن كان قد اشتراه في ذمته ونقد الدراهم في ثمنه كان الشراء صحيحا ، وهو ضامن لما نقده من الدراهم في ثمنه وطعامه باق في ذمة دافع الدراهم .