[ ص: 351 ] باب النهي عن بيع وسلف ، وعن سلف جر منفعة ، وتأخير الحق .  
مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله تعالى : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ، ( قال  الشافعي      ) وذلك أن من سنته صلى الله عليه وسلم أن تكون الأثمان معلومة ، والبيع معلوما ، فلما كنت إذا اشتريت منك دارا بمائة على أن أسلفك مائة كنت لم أشترها بمائة مفردة ، ولا بمائتين ، والمائة السلف عارية له ، بها منفعة مجهولة ، وصار الثمن غير معلوم " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح ، روى  الحجازيون   أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف  ، وروى  العراقيون   أنه  نهى عن بيع وقرض ،  والسلف هو القرض بلغة  أهل الحجاز      . فاحتمل أن يكونا خبرين قالهما النبي صلى الله عليه وسلم بلغتين في وقتين ، واحتمل أن يكون خبرا واحدا رواه  الحجازيون   بلغتهم ، ورواه  العراقيون   بلغتهم ، ومثل هذا يجوز الرواية إذا كان معنى اللفظ جليا والاحتمال عنه منتفيا .  
وليس هذا الخبر محمولا على ظاهره : لأن البيع بانفراده جائز ، والقرض بانفراده جائز ، واجتماعهما معا من غير شرط جائز ، وإنما المراد بالنهي  بيع شرط فيه قرض      .  وصورته :   أن يقول قد بعتك عبدي هذا بمائة على أن تقرضني مائة ، وهذا بيع باطل ، وقرض باطل : لأمور منها : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه .  
ومنها نهيه عن بيع وشرط . ومنها نهيه عن قرض جر منفعة .  
وما ذكره  الشافعي   من المعني المفضي إلى جهالة الثمن ، وذاك أن البائع إذا شرط لنفسه قرضا صار بائعا سلعته بالثمن المذكور وبمنفعة القرض المشروط ، فلما لم يلزم الشرط سقطت منفعته من الثمن ، والمنفعة مجهولة ، فإذا سقطت من الثمن أفضت إلى جهالة نافية ، وجهالة الثمن مبطلة للعقد .  
 [ ص: 352 ] وعلى هذا المعنى لا يجوز شراء وقرض ، وهو أن يقول : قد اشتريت عبدك هذا بمائة على أن تقرضني مائة ، فهذا شرط باطل وقرض باطل : لما ذكرنا من المعنى . وكذا لا تجوز الإجازة بشرط القرض .  
				
						
						
