مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " جاز ، ولو أوجباه بعد التفرق لم يجز " . ولو لم يذكرا في السلم أجلا ، فذكراه قبل أن يتفرقا
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال متعاقدي السلم من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعقداه مؤجلا .
والثاني : أن يعقداه حالا .
والثالث : أن يعقداه مطلقا . فإن عقداه حالا كان على حلوله . وإن عقداه مطلقا لم يخل حال المسلم فيه من أن يكون موجودا في الحال أو معدوما ، فإن كان معدوما بطل السلم ؟ لأن الحلول لا يصح فيه والأجل لا يتقدر بإطلاقه ، وإن كان موجودا ففي عقد السلم وجهان مبنيان على اختلاف وجهي أصحابنا في السلم هل هو الأصل فيه الحلول أو التأجيل ؟
أحدهما : أن السلم باطل إذا قيل الأصل فيه التأجيل : لأن إطلاقه يوجب رده إلى أصله ، ورده إلى الأصل في الأجل إذا لم يتقدر بالشرط باطل .
والثاني : أن السلم جائز ويكون حالا إذا قيل الأصل فيه الحلول : لأن إطلاقه يقتضيه .
فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من الحلول والتأجيل فيه بعقد ثبت فيه خيار المجلس ، ولا يثبت فيه خيار الشرط ، وقد عللنا ذلك في باب الخيار فيما لم يفترقا ، والعقد غير منبرم فإذا [ ص: 403 ] افترقا عليه فقد لزم ، فعلى هذا ثبت مؤجلا على ما افترقا عليه ، كذا لو زادا في الأجل أو نقصا منه أو زادا في الثمن أو نقصا منه ، ثبت العقد على ما افترقا عليه من زيادة ونقصان ، فأما إذا عقداه على صفة وافترقا عليها ثم أجلا ما كان معجلا أو عجلا ما كان مؤجلا أو زادا في الأجل أو نقصا عنه ، لم يلزم ما أخذاه بعد الافتراق ، وكان العقد لازما على ما افترقا عليه : لأن العقد لا يلحقه التغيير بعد التفرق . لو عقداه حالا ثم أجلاه قبل افتراقهما
وخالف أبو حنيفة فيه ، وقد مضى الكلام معه ، فعلى هذا لو عقداه حالا وافترقا ثم جعلاه مؤجلا ، لم يلزم فيه الأجل ويستحب للمسلم أن لو وفى بالوعد ، وصبر به إلى الأجل ، وكذا لو عقداه مؤجلا ثم جعلاه حالا بعد التفرق لم يلزم فيه الحلول ، ويستحب للمسلم إليه أن لو وفى بالوعد ، وعجل ذلك قبل الأجل ، ولو اختلفا بعد التفرق في الحلول والتأجيل ، ولو اختلفا فيه قبل التفرق فلا عقد بينهما .