مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أصابها هدم بعد القبض كانت رهنا بحالها وما سقط من خشبها أو طوبها يعني الآجر " .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
لم يبطل الرهن ، سواء انهدمت قبل القبض أو بعده ، لبقاء ما يجوز أن يبتدأ بالعقد عليه . إذا رهن دارا فانهدمت
فإن قيل : أليس لو استأجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ؟ فهلا كان إذا ارتهن دارا فانهدمت بطل الرهن ؟ قيل : الفرق بينهما : أن عقد الإجارة على المنافع ، وبانهدام الدار تبطل المنافع فبطلت الإجارة .
وعقد الرهن على عين الدار وما اشتملت عليه من خشب وطوب ، وبانهدام الدار لا تذهب العين فلم يبطل الرهن ، ألا ترى أنه لو استأجر دارا مهدومة لا يمكن الانتفاع بها لم تصح الإجارة ولو ارتهن دارا مهدومة لا يمكن الانتفاع بها صح الرهن .
فصل : فإذا ثبت أن لا يبطل الرهن ، فلا يخلو انهدامها من أحد أمرين : انهدام الدار المرهونة
[ ص: 45 ] إما أن يكون قبل القبض أو بعده ، فإن كان قبل القبض ، كان المرتهن بالخيار إن كان الرهن مشروطا في بيع بين إمضاء البيع وبين فسخه لما طرأ عليه من النقص قبل قبضه .
وإن كان بعد القبض وهي مسألة الكتاب فلا خيار له : لأن العيب الحادث بعد القبض ليس بأكثر من تلف الرهن بعد القبض ولو تلف بعد القبض لم يكن له خيار ، فأولى ألا يكون له بالعيب خيار ، وإذا لم يكن له خيار فما بقي من الدار ما سقط من خشب وطوب رهن بحاله يباع عند حلول الحق ويستوفى منه إن تعذر استيفاؤه من الرهن .