مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولا يكون إحباله لها أكبر من عتقها ولا مال له فأبطل العتق وتباع ( قال المزني ) يعني إذا كان معسرا ، ( قال الشافعي ) فإن كانت تساوي ألفا والحق مائة بيع منها بقدر المائة والباقي لسيدها ولا توطأ وتعتق بموته في قول من يعتقها ( قال المزني ) قلت أنا : قد قطع بعتقها في كتاب ( قال ) وفي الأم أنه إذا أعتقها فهي حرة وقد ظلم نفسه " . عتق أمهات الأولاد
قال الماوردي : والحكم في عتق الرهن كالحكم في إحباله ، كان على ثلاثة أقاويل كما قلنا في إحباله : فإذا أعتق الراهن الجارية المرهونة بعد القبض بغير إذن المرتهن
أحدها : أن عتقه نافذ في اليسار والإعسار فلا يجوز بيعها وبه قال أبو حنيفة ووجهه مع ما تقدم ذكره شيئان :
أحدهما : قوله صلى الله عليه وسلم : فدليله نفوذ العتق بعد وجود الملك . لا عتق قبل ملك
والثاني : هو أن في إبطال العتق إبطال حق لا يقوم غيره مقامه ، وليس في إبطال الرهن إبطال الحق لأن ما في الذمة يقوم مقامه ، فكان تنفية العتق أولى حراسة للحقين وإثباتا للأمرين :
والقول الثاني : أن العتق باطل في اليسار والإعسار ويجوز بيعها وبه قال داود ، ووجهه مع ما تقدم ذكره شيئان :
أحدهما : أن حق المرتهن متعلق بذمة الراهن ورقبة الرهن فلما لم يملك الراهن أن ينقل حق المرتهن من ذمته إلى ذمة غيره بالحوالة إلا باختيار المرتهن لم يملك أن ينقل حق المرتهن من رقبة الرهن إلى قيمته إلا باختيار المرتهن .
والثاني : هو أن تعلق حق المرتهن برقبة الرهن أقوى من تعلق حق غرماء المأذون له في التجارة بما في يده : لأن ذلك عن عقد وهذا عن غير عقد فلما ثبت أن سيد العبد المأذون له في التجارة لو أعتق عبدا في يد عبده المأذون له كان عتقه باطلا لتعلق حقوق الغرماء به كان عتق الراهن عبده المرهون أولى أن يكون باطلا لتعلق حق المرتهن به .
والقول الثالث : أن العتق نافذ في اليسار باطل في الإعسار وبه قال مالك ووجهه ما مضى من توجيه القول الأول ، فإن قلنا يبطل في الإعسار فوجهه ما مضى في القول الثاني .
[ ص: 56 ] فصل : فإذا تقرر توجيه الأقاويل ، فإن قلنا ببطلان عتقه فلا شيء عليه ، والرهن على حاله وكأن لفظ العتق لم يوجد .
وإن قلنا بنفوذ عتقه فعليه قيمته إن كان موسرا ، واعتبار القيمة من وقت تلفظه بالعتق ، وهو حر باللفظ دون دفع القيمة قولا واحدا كما قلنا في الإحبال : لأن عتقه صادف ملكه فإذا غرم القيمة كان بالخيار بين أن تكون رهنا مكانها أو قصاصا من الحق على ما مضى ، وإن كان في حال عتقه معسرا ثم أيسر فيما بعد أخذت منه القيمة بعد يساره لأنه قد صار مستهلكا للرهن ومن لزمه غرم ما استهلك وأعسر لم يسقط عنه إذا أيسر .