[ ص: 58 ] مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : "  ولو أحبلها أو أعتقها بإذن المرتهن   خرجت من الرهن " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح .  
إذا أذن المرتهن للراهن في عتق الجارية المرهونة أو إحبالها فأعتقها أو أحبلها نفذ عتقه وإحباله ، وخرجت من الرهن في اليسار والإعسار ولا قيمة عليه .  
وإنما كان كذلك لثلاثة معان : أحدها : أن العتق والإحبال فسخ إذ لا يصح  رهن الحر وأم الولد      .  
ولو أذن المرتهن للراهن في فسخ الرهن ففسخه صح الفسخ ، فكذلك إذا أذن له في العتق والإحبال فأعتق أو أحبل وقع الفسخ .  
والثاني : أن الرهن إنما يتعلق بالرق والعتق والإحبال إتلاف للرق ، وإذا أذن المرتهن للراهن في إتلاف الرهن فأتلفه بطل الرهن كذلك إذا أذن له في العتق والإحبال ففعل بطل الرهن .  
والثالث : أن الرهن يشتمل على حقين : حق ملك للراهن هو أقواهما وحق استيثاق للمرتهن هو أضعفهما ، ثم ثبت أن الراهن لو أذن للمرتهن في البيع فباعه زال حق ملكه ، فكذلك المرتهن إذا أذن للراهن في العتق أو الإحبال ففعل زال حق استيثاقه .  
فصل : فإذا ثبت أن الرهن ينفسخ بذلك فلا يخلو حال الراهن من أحد أمرين : إما أن يفعل ما  أذن له المرتهن من العتق أو الإحبال   أو لا يفعل ، فإن لم يفعل كان الرهن على حاله لا ينفسخ بمجرد الإذن ، لأن الإذن ليس بفسخ وإنما يصح به الفسخ .  
وإن فعل ما أذن له فإن كان عتقا نفذ في الحال ، وإن كان وطأ ولم يحدث عنه إحبال فالرهن بحاله لأن الوطء إذا عري عن الإحبال في الأمة جرى مجرى الخدمة وإن حدث عنه إحبال خرجت من الرهن ولا قيمة عليه .  
فلو أذن له في وطئها دون إحبالها فوطئها وأحبلها خرجت من الرهن : لأن الاحتراز من الإحبال غير ممكن فصار مأذونا فيه .  
فصل : فلو  رجع المرتهن في إذنه   فإن كان رجوعه بعد العتق أو الإحبال لم يكن لرجوعه تأثير لوجوده بعد فسخ الرهن ، وإن كان رجوعه قبل العتق والإحبال لم يكن للراهن أن يعتق ولا أن يطأ ، فإن أعتق بعد رجوعه أو وطئ فأحبل فعلى ضربين :  
 [ ص: 59 ] أحدهما : أن يكون عالما برجوعه ، فيكون حكمه حكم من أحبل أو أعتق بغير إذن المرتهن فيكون غير نافذ في أحد القولين ، وعليه غرم القيمة .  
والضرب الثاني : أن يكون غير عالم برجوعه فعلى وجهين مخرجين من الوكيل المأذون له في البيع إذا رجع موكله عن الإذن ثم باع الوكيل قبل العلم .  
أحدهما : أن يكون حكم إذنه باقيا حتى يعلم بالرجوع ، فعلى هذا يكون عتقه وإحباله نافذا ولا قيمة عليه .  
والوجه الثاني : أن حكم الإذن قد زال بالرجوع وإن لم يعلم ، فعلى هذا يكون كمن أحبل وأعتق بغير إذن ، فيكون باطلا في أحد القولين وجائزا في القول الثاني وعليه القيمة .  
فصل : قال  الشافعي   في كتاب الرهن الكبير من " الأم " : ولو  أذن له المرتهن في ضربها فضربها فماتت   لم يكن على الراهن غرم قيمتها : لأن إطلاق إذن المرتهن في ضربها يتناول قليل الضرب وكثيره ، فصار ما فعله الراهن من الضرب المؤدي إلى تلفها عن إذن المرتهن فكان إسقاطا للحق من رقبتها وجرى مجرى الفسخ بعتقها أو إحبالها .  
				
						
						
