مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو اختلفا فقال الراهن أعتقتها بإذنك وأنكر المرتهن فالقول قوله مع يمينه وهي رهن ، وهذا إذا كان الراهن معسرا فأما إذا كان موسرا أخذ منه قيمة الجارية والعتق والولاء له تكون مكانها أو قصاصا .
قال الماوردي : إذا فقال الراهن : فعلت ذلك بإذنك ففعلي نافذ والرهن منفسخ ، وقال المرتهن : بل فعلت ذلك بغير إذني ، ففعلك مردود في أحد القولين ، ومضمون في القول الثاني ، فإن كان للراهن بينة نفذ عتقه ، وإحباله ، وفي البينة قولان : اختلف الراهن والمرتهن بعد عتق الراهن أو إحباله
أحدهما : شاهدان عدلان لا غير ، وهذا على القول الذي يقول : إن عتق الراهن بغير إذن المرتهن باطل لأنها بينة تثبت العتق والعتق لا يقبل فيه إلا شاهدان .
والقول الثاني : أن البينة شاهدان أو شاهد وامرأتان أو شاهد ويمين وهذا على القول الذي يقول : إن عتق الراهن بغير إذن المرتهن نافذ فإنه للقيمة ضامن : لأن هذا حلف في ضمان مال ، والأموال يحكم فيها بشاهدين ، وشاهد وامرأتين ، وشاهد ويمين .
وإن لم يكن للراهن بينة ، فالقول قول المرتهن مع يمينه بالله أنه لم يأذن له ، لأمرين :
أحدهما : أن الراهن يدعي إذن المرتهن والمرتهن منكر ، فكان القول قول المنكر .
[ ص: 60 ] فإذا ثبت أن القول قول المرتهن مع يمينه ، أحلف فإن حلف صار الراهن كمن أعتق أو أحبل بغير إذن المرتهن فيكون على ما مضى .
فإن نكل المرتهن عن اليمين ردت على الراهن فإن حلف صار كمن أعتق أو أحبل بإذن المرتهن فيكون نافذا ولا ضمان عليه ، فإن نكل الراهن فهل ترد اليمين على الجارية المرهونة أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا ترد عليها لأنه لا يحلف أحد عن غيره ، فعلى هذا إذا امتنع الراهن من اليمين بعد نكول المرتهن كان الراهن كمن أعتق أو أحبل بغير إذن .
والقول الثاني : أن اليمين ترد على الجارية : لأن حق الحرية ثابت لها فجاز أن تحلف في حقها ، فعلى هذا إذا حلفت صار الراهن كمن أعتق أو أحبل بإذن ، فيكون ذلك نافذا ولا ضمان عليه .