فصل : فإن لم يخل حاله من أحد أمرين : خلطه بجنسه
إما أن يكون جنسا يجوز بيع بعضه ببعض كالزيت ، أو جنسا لا يجوز بيع بعضه ببعض كالدقيق ، فإن كان مما يجوز بيع بعضه ببعض كالزيت إذا خلطه بالزيت فلا يخلو من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يخلطه بمثله .
والثاني : أن يخلطه بأردأ منه .
والثالث : أن يخلطه بأجود منه .
فإن كان قد خلطه بمثله في الجودة أو الرداءة فللبائع أن يرجع بمكيلة زيته منه لوجود العين وإمكان تمييزها بالقسمة ، قال الشافعي رضي الله عنه : فله أن يأخذ متاعه بالكيل أو الوزن ، فاختلف أصحابنا في تأويله على وجهين :
أحدهما : أنه إن كان مما يكال قسمه بالكيل ، وإن كان مما يوزن قسمه بالوزن .
والثاني : أنه إن كان باعه بالكيل أخذه بالكيل ، وإن كان باعه بالوزن أخذه بالوزن ، لأن ما أصله الكيل يجوز أن يباع وزنا ، وما أصله الوزن يجوز أن يباع كيلا إذا كان مبيعا بغير جنسه ، فعلى التأويل الأول يكون الاعتبار في أخذه وقسمته بأصله في الكيل أو الوزن ، وعلى التأويل الثاني يكون الاعتبار في أخذه وقسمته ببيعه بالكيل أو الوزن ، فلو ففيه وجهان : قال البائع : لست آخذ مكيلة زيتي منه لاختلاطه بغيره ، ولكن بيعوا الجميع لآخذ ثمن زيتي من جملته
أحدهما : ليس له ذلك ؛ لأنه يصل إلى حقه بأخذ مكيلته فكانت المطالبة ببيعه عنتا .
والوجه الثاني : له مطالبتهم بالبيع لأن عين ماله بالاختلاط غير مميزة ، وإنما هو في التقدير أخذ لبدلها فلم يلزمه ، واستحق المطالبة بالمبيع ليتوصل به إلى حقه .