مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو رده عليهم بالحصص " . قسم الحاكم ماله بين غرمائه ثم قدم آخرون
[ ص: 312 ] قال الماوردي : وهذا صحيح ، وينبغي للحاكم أن لا يعجل بقسم مال المفلس إلا بعد البحث عن جميع غرمائه ، ويشهر في الناس أمره ليعلم به الغائب ، فإنه ربما قد كان له غريم غائب لا يعلم بحاله في الغيبة ، فإذا توقف وبحث ولم يعلم له غريما غير من حضر منهم قسم حينئذ ماله بينهم ، . وليس للحاكم أن يكلف الغرماء إقامة البينة أن لا غريم له سواهم
فإن قيل أليس الحاكم لا يجوز أن يقسم تركة الميت بين ورثته إلا أن يقيموا البينة أن لا وارث له سواهم فهلا كان الغرماء كذلك ؟ قلنا : الفرق بين الوارث والغريم أن الوارث لا يستحق جميع التركة إلا أن لا يكون للميت وارث سواه ، فلم يجز أن يحكم له بجميع المال إلا أن يقيم البينة باستحقاقه لجميعه ، والغريم مستحق لجميع دينه إلا أن تقوم البينة بأن له غريما سواه ، فلما لم تقم البينة جاز الحكم له به ولم يجز أن يصرف بالشك عن حقه ، يوضح معنى الفرق بينهما أن بعض الورثة لو عفا عن حقه من التركة لم يرد ذلك على من سواه من الورثة ، لأنهم قد استوفوا حقوقهم ، ولو عفا أحد الغرماء عن حقه رد ذلك على من سواه من غرمائه لأنهم لم يكونوا قد استوفوا بتلك القسمة حقوقهم والله أعلم .