مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن وجد الإمام ثقة يسلفه المال حالا لم يجعله أمانة " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن ، فإذا وجد الحاكم أمينا يأخذ ثمن ما بيع من ماله مضمونا لم يجز أن يستودعه إياه مؤتمنا ، لأن ما أخذه قرضا وهو مضمون بالغرم إن تلف ، وما أخذه وديعة فهو من مال المفلس إن تلف فكان القرض أحفظ له من الترك ، إلا أن لا يجد ثقة مليئا فتركه أولى ، فإن قيل : قد قال مال المفلس يلزم الاحتياط في حفظه الشافعي : إن وجد من يسلفه المال حالا وهو لا يجيز القرض مؤجلا فلم يكن لهذا الشرط تأثير ، ألا ترى أن جواز القرض مؤجلا : قيل : قد كان بعض أصحابنا يتعلق بهذه اللفظة من كلام الشافعي ويجيز القرض مؤجلا ، ويجعله للشافعي مذهبا ، وذهب سائر أصحابنا إلى تخطئة هذا القول وفساد مذهبه ؛ لأن نصوص الشافعي تبطله وأصول مذهبه تدفعه ، لأن من أصل مذهبه أن الأجل لا يلزم إلا في عقد لازم وليس القرض بلازم ، وتأولوا قول الشافعي رحمه الله : إن وجد من يسلفه المال حالا أنه أراد به الحاكم إذا رأى قول مالك في جواز القرض المؤجل لم يجز أن يقرض مال المفلس إلى أجل وجعله قرضا حالا حتى لا يدخله الأجل على مذهب أحد والله أعلم .