[ ص: 86 ] باب إقرار الوارث بوارث
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - : الذي أحفظ من قول المدنيين فيمن أن نسبه لا يلحق ، ولا يأخذ شيئا ؛ لأنه أقر له بمعنى إذا ثبت ورث وورث فلما لم يثبت بذلك عليه حق لم يثبت له وهذا أصح ما قيل عندنا ، والله أعلم وذلك مثل أن يقر أنه باع دارا من رجل بألف فجحد المقر له البيع فلم نعطه الدار وإن أقر صاحبها له وذلك أنه لم يقل إنها ملك له إلا ومملوك عليه بها شيء فلما سقط أن يكون مملوكا عليه سقط الإقرار له . ترك ابنين فأقر أحدهما بأخ
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا مات رجل وترك ابنين فادعى ثالث أنه ابن الميت وأخو الابنين ، فلصحة دعواه شرطان إن لم يوجدا بطلت :
أحد الشرطين : أن يكون مثله يجوز أن يولد لمثل الميت بأن يكون بين سنيهما زمان أقله عشر سنين فصاعدا ؛ لأنه لا يجوز أن يولد لمن له أقل من عشر سنين . فإن كان بينهما أقل من عشر سنين فدعواه مردودة لاستحالتها .
والشرط الثاني : أن يكون المدعي مجهول النسب ليصح أن يلحق نسبه بمن يدعيه فإن كان معروف النسب فدعواه مردودة لبطلانها .
فإذا اجتمع الشرطان صحت الدعوى وسمعت على الابنين ، ولا يخلو حال الابنين في جواز الدعوى من ثلاثة أحوال :
إما أن يقرا به .
أو ينكراه .
أو يقر به أحدهما وينكره الآخر .
فإن أقرا به ثبت نسبه وشاركهما في الإرث ونحن نذكر الخلاف فيه من بعد .
وإن أنكراه فإن كان للمدعي بينة سمعت وهي إن كانت على إقرار الميت عدلان لا غير ، وإن كانت ولادته على فراشه فعدلان ، أو أربع نسوة يشهدن أنه ولد على فراشه ثم يحكم [ ص: 87 ] له بثبوت النسب واستحقاق الإرث ، فإن مات المدعي لم يستحق الابنان إرثه ما أقاما على الإنكار فإن رجعا عنه إلى الاعتراف به ورثاه .
وإن لم يكن للمدعي بينة أحلف الابنان على إنكار نسبه على العلم دون البت فإن حلفا فهو مدفوع النسب عنهما ، وإن نكلا ردت اليمين عليه . فإن حلف فيمينه على البت دون العلم ؛ لأنها يمين إثبات وثبت نسبه واستحق الإرث ، وإن نكل فهو مدفوع النسب عنهما ، ولو كان أحدهما قد حلف ونكل الآخر لم ترد يمينه على المدعي ؛ لأنه لا يثبت بها نسب ، ولا يستحق بها إرث .