الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن كان المدعي هو الأب فلا بد من وجود الشرطين في الولد الذي ادعاه وهما :

                                                                                                                                            جهل نسبه .

                                                                                                                                            وجواز أن يولد مثله لمثله .

                                                                                                                                            ثم لا بد أن يكون من أهل الدعوى بكمال العقل ، ولا فرق بين أن يكون الولد صغيرا ، أو [ ص: 97 ] كبيرا ، فإن كان صغيرا ألحق بمجرد الدعوى ، ولا يعتبر في لحوقه تصديق الولد ؛ لأنه لا حكم للصغير في نفسه فإن بلغ فأنكر لم يؤثر إنكاره في نفي النسب لما تقدم من الحكم بثبوته .

                                                                                                                                            وإن كان الولد كبيرا لم يثبت نسبه ، ولم يلحق بالمدعي إلا بإقراره ؛ لأن للكبير حكما في نفسه ، فإن أقر له بالبنوة لحق به وتعلقت به أحكام الأبناء سواء كان الأولاد أنكروا ، أو لا ، وإن أنكروا فعليه اليمين .

                                                                                                                                            فإن ادعى الأب ولدا بعد موته فإن كان الولد الميت صغيرا لحق به وورثه ؛ لأنه لو كان حيا لصار بدعواه لاحقا به فكذلك بعد موته ، وقال أبو حنيفة : إن كان الولد موسرا لم يلحق به ؛ لأنه متهم بادعائه لإرثه .

                                                                                                                                            وهذا خطأ ؛ لأن الإقرار بالأنساب لا تؤثر فيها التهمة في الأموال ألا ترى لو أقر وهو زمن فقير بابن صغير موسر لحق به ، ولا تكون التهمة في وجوب نفقته في مال الابن مانعة من صحة إقراره كذلك في ميراث الميت .

                                                                                                                                            فأما إن كان الولد الذي ادعاه بعد موته كبيرا لم يلحق به ؛ لأنه لو كان حيا لم يلحق به لمجرد الدعوى حتى يقر به فكذا بعد الموت .

                                                                                                                                            فهذا أحد ضربي الأنساب التي لا يتخللها وسيط في لحوقها واتصالها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية