فصل : والفصل الثاني وهو أن يقول المالك لأن العارية مضمونة كالغصب وأجرة العارية غير مضمونة بخلاف الغصب . فإن كان هذا قبل الركوب سقط تأثير هذا الاختلاف وإن كان بعد الركوب فالذي نقله غصبتنيها ويقول الراكب أعرتنيها فهذا الاختلاف مؤثر في الأجرة دون القيمة ؛ المزني هاهنا أن القول قول المستعير فاختلف أصحابنا فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجها على قولين كالمسألة الأولى لاستوائها في العلة ويجعل ما نقله المزني هاهنا أحد القولين . وذهب آخرون من أصحابنا إلى أن القول في هذه المسألة قول المالك قولا واحدا ، والفرق بين هذه المسألة ، والتي قبلها أن في اختلافهما في العارية ، والإجارة اتفقا على أن الراكب مالك للمنفعة فجاز أن لا يقبل قول المالك في الأجرة ، ولم يتفقا على مثل ذلك في هذه المسألة . لأن المالك يقول أتلفت أيها الراكب منفعتي بغير حق ، والراكب يقول أتلفتها مستعيرا بحق فلم يصدق ، فمن قال بهذا أجاب عما نقله المزني بجوابين :
أحدهما : أنه زلل من المزني وسهو ، والثاني تسليم الرواية واستعمالها على أحد تأويلين إما على أن القول قول المستعير في قدر الأجرة وإما على أن القول قول المستعير في أن لا يلزمه الضمان إلا في العارية دون الغصب . وهذا تأويل من فرق بين ضمان العارية وضمان الغصب . فعلى هذا لو تلفت الدابة ضمن قيمتها وكانت الأجرة على ما مضى ، والله أعلم .