مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه حتى يعطيه قيمة بنائه قائما . يوم يخرجه ولو قال له وقتا وكذلك لو أذن له في البناء مطلقا ولكن لو قال فإن انقضى الوقت كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه ؛ لأنه لم يغره إنما غر نفسه " . وإذا أعاره بقعة يبني فيها بناء
[ ص: 127 ] قال الماوردي : وهذا كما قال اعلم أن جائز . لأنها منفعة يصح أن تملك بالإجارة وصح أن تملك بالإعارة كالسكن وإذا كان كذلك فلا يخلو حال من أعار أرضا من أحد أمرين : إما أن يعين المنفعة ، أو لا يعين عليها فإن لم يعين عليها صحت العارية وكانت محمولة في الانتفاع بها على العادة الجارية في مثلها ، ولا يصح إطلاق الإجارة إلا أن يعين على المنفعة خصوصا وعموما ، والفرق بينهما أن في الإجارة عوضا تنتفي عنه الجهالة ولذلك لزم تقدير المنفعة بالمدة وليس في العارية عوض فلم يمتنع فيه الجهالة كما لا يمتنع إطلاق المدة وإن عين المعير على المنفعة فلا يخلو من أن يعم ، أو يخص فإن عم فقال قد أعرتك لتصنع ما شئت من غرس ، أو بناء ، أو زرع فأيهما فعل جاز ، وكذلك لو جمع بين سائرها وإن خص فله ثلاثة أحوال : أحدها أن يأذن له في الزرع فله أن يزرع وليس له أن يغرس ، ولا أن يبني ؛ لأن الغرس ، والبناء أضر للأرض من الزرع . وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إعارة الأرض للزرع ، والغرس ، والبناء فلو غرس ، أو بنى كان متعديا وللمعير أن يأخذه بقلع غرسه وبنائه وبأجرة المثل كالغصب . لا ضرر ، ولا ضرار
والحالة الثانية : أن يأذن له في الغرس فله أن يغرس ويزرع ؛ لأن ضرر الزرع أقل من ضرر الغرس وفي جواز البناء وجهان :
أحدهما : يجوز ؛ لأن البناء كالغرس في الترك ، والضرر .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأن البناء أدوم من الغرس وأبقى فكان ضرره أكثر .
والحالة الثالثة : أن يأذن له في البناء فله أن يبني ويزرع ويغرس ؛ لأن البناء أبقى فكان ضرره أعم .