مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن كان أخذه من المشتري ، وما بين قيمته صحيحا يوم غصبه وبين قيمته وقد أبلاه ، ويرجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي دفع ولست أنظر في القيمة إلى تغير الأسواق وإنما أنظر إلى تغير الأبدان " . ثوبا أبلاه المشتري
[ ص: 157 ] قال الماوردي : وهذه ، المسألة أيضا تشتمل على فصلين :
أحدهما : في إبلاء الغاصب له .
والثاني : في إبلاء المشتري فبدأ بالغاصب فلا يخلو حاله في الثوب الذي غصبه من أربعة أقسام :
أحدها : أن لا يبلى في يده ، ولا تمضي عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرد الثوب ، ولا شيء عليه سواه .
والقسم الثاني : أن يكون قد بلي ، ولم تمض عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرده ويرد معه أرش البلى لا غير .
والقسم الثالث : أن لا يبلى ولكن قد مضت عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرده ويرد معه أجرة مثله لا غير .
والقسم الرابع : أن يبلى وتمضي عليه مدة يكون لها أجرة فهل يجمع عليه بين الأرش ، والأجرة ، أو لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يجمع بينهما ويجبان عليه لاختلاف موجبهما ؛ لأن الأرش يجب باستهلاك الأجزاء ، . والأجرة تجب باستهلاك المنفعة
والوجه الثاني : أنهما يجتمعان عليه ويجب عليه أكثر الأمرين من الأرش ، والأجرة ؛ لأن استهلاك الأجزاء في مقابلة الأجرة . ألا ترى أن لأنه في مقابلة ما قد ضمنه من الأجرة ولكن لو كان المستأجر لا يضمن أرش البلى ؛ وذهب فيها سمنه لزمته الأجرة مع أرش الهزال وجها واحدا ، والفرق بينهما وبين الثوب أن استعمال الثوب موجب لبلاه وليس استخدام العبد موجبا لهزاله ، والله أعلم . المغصوب عبدا فمضت عليه في يد الغاصب مدة هزل فيها بدنه
فأما المشتري فيلزمه ما يلزم الغاصب من الأرش ، والأجرة على ما وصفنا من الأقسام الأربعة لكن عليه من وقت قبضه لا من وقت الغصب . وقول الأجرة وأرش البلى الشافعي - رضي الله عنه - هاهنا أخذه من المشتري ، وما بين قيمته صحيحا يوم غصبه ، وما بين قيمته ، وقد أبلي فليس بمحمول على ظاهره ، وفيه لأصحابنا ثلاثة تأويلات :
أحدها : وهو تأويل أبي علي بن أبي هريرة أنه محمول على أن قيمته يوم الغصب والبيع سواء .
والثاني : أنه محمول على أنه اشتراه يوم الغصب .
والثالث : هو تأويل أبي حامد الإسفراييني أن معنى قوله من يوم الغصب أي من يوم صار المشتري في حكم الغاصب ؛ فإذا تقرر هذا فما لزم الغاصب لا يضمنه المشتري ، وللمالك الخيار ، والرجوع به على أيهما شاء فإن رجع به على المشتري لم يرجع المشتري بأرش البلى . وهل يرجع بالأجرة أم لا ؟ على قولين . وإن رجع به على الغاصب رجع الغاصب على المشتري بأرش البلى وهل يرجع بالأجرة أم لا ؟ على قولين . وما لزم [ ص: 158 ] المشتري يضمنه الغاصب