فصل : فإذا ثبت أن الشفعة واجبة بالخلطة دون الجوار فالكلام في الشفعة يشتمل على أربعة فصول :
أحدها : ما تجب به الشفعة .
[ ص: 232 ] والثاني : ما يجب فيه الشفعة ، والثالث : من تجب له الشفعة ، والرابع : ما تؤخذ به الشفعة .
فأما الفصل الأول : وهو ما تجب به الشفعة ، فهو انتقال الملك بعقود المعاوضات .
: قسم يجب فيه العوض ، وقسم لا يجب فيه العوض ، وقسم اختلف قوله في وجوب العوض فيه . والعقود على ثلاثة أقسام
فأما : البيع والإجارة والصلح والصداق والخلع . فالشفعة بجميعها مستحقة كالبيع ؛ لانتقال الملك بها عوضا ، أو معوضا وسنشرح حال كل واحد منهما في موضعه . الموجب للعوض فخمسة عقود
وأما ما لا يوجب العوض إما لأنه لا ينقل الملك كالرهن والعارية أو لأنه لا يوجب العوض مع انتقال الملك كالوقف ، والوصية فلا شفعة به ؛ لأن ما لا ينقل الملك لا يستحق به نقل الملك ، وما لا عوض فيه لا معوض فيه
فأما إذا قال الرجل لأم ولده : إذا خدمت ورثتي سنة بعد موتي فلك هذا الشقص ، فخدمتهم سنة بعد موته فاستحقت الشقص واختلف أصحابنا هل يغلب في ملكها للشقص حكم المعاوضات ، أو حكم الوصايا على وجهين :
أحدهما : أن حكم المعاوضات عليه أغلب ؛ لأنها استحقته بخدمتها ، فعلى هذا يأخذه الشفيع بعد انقضاء السنة بأجرة مثل خدمتها تلك السنة .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي - رضي الله عنه - أن حكم الوصايا عليه أغلب لأمرين :
أحدهما : اعتباره من الثلث ، والثاني : ملكه الشقص عمن لم يملك الخدمة ، فعلى هذا يكون وصية على صفة بعد الموت ، ولا شفعة فيها .
وأما ، اختلف قوله في وجوب المكافأة عليها ، فقال في القديم والإملاء بوجوب المكافأة عليها ، فعلى هذا تجب الشفعة بها بالثواب الذي تجب به المكافأة . فعلى هذا لو شرط الثواب فيها قدرا معلوما كان على قولين : أحدهما : قاله في الإملاء ، إن ما اختلف قوله في وجوب العوض فيه فعقد الهبة بالثواب المشروط ؛ لأنها إذا صحت مع الجهل بالثواب كانت مع العلم به أصح . الهبة جائزة ، والشفعة فيها واجبة
والقول الثاني : أن ؛ لأن تقدير العوض [ ص: 233 ] فيها يجعلها بيعا ، والبيع بلفظ الهبة باطل ، فهذا حكم الهبة على قوله في القديم والإملاء ، وقال في الجديد : إن المكافأة على الهبة غير واجبة ، فعلى هذا لا شفعة بها ويكون انتقال الملك بها في سقوط الشفعة به كانتقاله بالميراث ، فهذا حكم الفصل الأول . الهبة بشرط الثواب باطلة ، والشفعة فيها ساقطة