مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله : " وكذلك لو أصابها هدم من السماء إما أخذ الكل بالثمن وإما ترك " .  
قال  الماوردي      : وصورتها في رجل  اشترى شقصا من دار فانهدمت بجائحة ، أو جناية   ، أو شقصا من أرض فأخذ السيل بعضها فالذي نقله  المزني   هاهنا وقاله في القديم وفي كتاب التفليس من كتبه الجديدة : أن الشفيع مخير بين أن يأخذ الباقي بجميع الثمن ، أو يدع . وقال  الشافعي      - رضي الله عنه - في القديم : إن الشفيع يأخذ الباقي بحصته من الثمن ، واختلف أصحابنا في اختلاف هذين النقلين على خمسة مذاهب :  
أحدها : وهو قول  أبي الطيب بن أبي سلمة   ،  وأبي حفص بن الوكيل      : أن المسألة لاختلاف النقلين على قولين :  
أحدهما : أن يأخذ الباقي بجميع الثمن كالعبد المبيع إذا ذهبت عينه في يد البائع      [ ص: 266 ] بجائحة ، أو جناية كان للمشتري إذا اختار الإمضاء أن يأخذه بجميع الثمن كذلك حال الشفعة .  
والقول الثاني : أن يأخذ الباقي بحصته من الثمن ؛ لأن ما تناولته الصفقة بالثمن مقسط على أجزائه كما لو اشترى مع الشقص سيفا أخذ بحصته من الثمن .  
والمذهب الثاني : وهو مذهب  أبي العباس بن سريج   وأبي إسحاق المروزي      : أنه يأخذ الباقي بحصته من الثمن قولا واحدا ونسبا إلى  المزني   الغلط فيما نقله في هذا الموضع ؛ لأنه لا يعرف للشافعي في شيء من منصوصاته ، وإنما رد على  أهل  العراق    قولهم : إن ما انهدم بغير فعله أخذ بجميع الثمن ، وما انهدم بفعله ، أو فعل غيره أخذ بحصته من الثمن ، فغلط  المزني   في قول  الشافعي   إلى قول  أهل  العراق       .  
كما غلط من قول  الشافعي   إلى قول  مالك   فيما حكاه في كتاب الأيمان ، والنذور : إذا حلف على غريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه ، فأخذه منه بحقه عوضا إن كان بقيمة الحق ، أو أكثر لم يحنث وإن كان أقل حنث ، فغلط وإنما ذلك قول  مالك   كذلك هاهنا ، وفرق بين الشفعة والفلس بفرض مضى في كتاب الفلس .  
والمذهب الثالث ، وهو قول  أبي علي بن أبي هريرة      : بأنه محمول على اختلاف حالين ، فالموضع الذي يأخذه بكل الثمن إذا ذهبت الآثار وكانت أعيان الآلة والبناء باقية ، والموضع الذي يأخذه بحصته من الثمن إذا كانت أعيان الآلة والبناء تالفة .  
والوجه الرابع : أنه محمول على اختلاف حالين من غير هذا الوجه . فالموضع الذي يأخذه بكل الثمن إذا هدمه بفعل آدمي ، والموضع الذي يأخذه بحصته من الثمن ، إذا كان هدمه بجائحة سماوية ؛ لأنه في هدم الآدمي قد يرجع عليه بأرش النقص ، فلذلك أخذها بجميع الثمن ، وفي جائحة السماء ليس يرجع بأرض النقص ، فلذلك أخذها بحصته من الثمن وهذا المذهب ضد ما عليه أهل العراق .  
والمذهب الخامس : أنه على اختلاف حالين من غير هذا الوجه ، فالموضع الذي يأخذه بكل الثمن إذا كانت العرصة باقية وإن تلفت الآلة ، والموضع الذي يأخذه بحصته من الثمن إذا ذهب بعض العرصة بسيل أو غرق ؛ لأن العرصة مقصودة ، والآلة تبع .  
				
						
						
