[ ص: 375 ] مسائل المزني رحمه الله
قال المزني رحمه الله تعالى : " وهذه مسائل أجبت فيها على معنى قوله وقياسه وبالله التوفيق " .
مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " فمن ذلك لم يجز في معنى قوله قياسا على شرط المضاربة يعملان في المال جميعا فمعنى ذلك أنه أعانه معونة مجهولة الغاية بأجرة مجهولة " . لو ساقاه على نخل سنين معلومة على أن يعملا فيها جميعا
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شرط العامل أن يعمل معه رب النخل في المساقاة ورب المال في المضاربة بطل العقد في المساقاة ، والمضاربة .
واختلف أصحابنا في علة بطلانه ، فذهب المزني إلى أن العلة فيه اشتراكهما في العمل مع اختلافهما فيه يفضي إلى جهالة ما يستحق على العامل من عمله ، والعمل المجهول لا تصح عليه المعاوضة ، ولهذا المعنى بطلت شركة الأبدان لاختلاف عمل الشريكين .
وهذا التعليل مدخول باشتراط عمل غلام رب المال ؛ لأن عمله مخالف لعمل العامل كما يخالف عمل سيده .
وذهب أبو إسحاق المروزي إلى أن علة بطلانه أنه إذا شرط عمل رب النخل صار مستحقا للعوض على عمله وعمل غيره فبطل .
وهذا مدخول بمثل ما دخل به تعليل المزني ويدخل على العلتين جميعا إذا ساقى رجلين .
وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أن العلة فيه أن المساقاة ما تميز فيها رب النخل بالمال ، والعامل بالعمل ، فإذا شرط العمل على رب المال فسدت ، كما لو شرط المال على العامل بطلت ، لتغيير ما أوجبه العقد من أحكامه في المتعاقدين .
وهذا التعليل أيضا مدخول بما ذكرنا من عمل غلمان رب النخل .
والذي أذهب إليه أن تعليل بطلانه هو أن اشتراط عمل رب النخل فيها يقتضي لزوم ذلك ، والإنسان لا يلزمه العمل في ماله فصار هذا الشرط باطلا ، وأبطل ما شرطه فيه ، وليس عمل غلمانه مستحقا على بدنه ، وإنما هو حق تعلق بماله كما يتعلق به غير ذلك من الحقوق .