مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " ولو ساقى أحدهما صاحبه على نخل بينهما سنة معروفة على أن يعملا فيها جميعا على أن لأحدهما الثلث ، وللآخر الثلثين لم يكن لمساقاتهما معنى فإن عملا فلأنفسهما عملا ، والثمر بينهما نصفين " .
قال الماوردي : وصورتها في فهذه مساقاة باطلة لعلتين : نخل بين شريكين بالسوية ساقى أحدهما صاحبه على أن يعملا فيها جميعا ، على أن لأحدهما الثلث وللآخر الثلثين
[ ص: 381 ] إحداهما : أن العامل فيها لا يتميز من رب المال .
والعلة الثانية : أن عمل أحدهما على غير بدل ، وإذا بطلت المساقاة بذلك وجب أن تكون الثمرة بينهما نصفين بالملك ، وفي عملهما وجهان :
أحدهما : أنه هدر لا يراعى فيه التفاضل ، ولا يستحق فيه أجرة ؛ لأنه تبع للمال ، كالشريكين في المال يقتسمان الربح بينهما بالسوية ، اعتبارا بالمال ، وإن تفاضلا في العمل ؛ لأن عملهما تبع للمال ، فلم يراع فيه التفاضل ، ولم يضمن بالأجرة .
وهذا مخرج من قول الشافعي أن العامل شريك ، فعلى هذا لا أجرة لواحد منهما على صاحبه ، وإن زاد عليه في عمله .
الوجه الثاني : أن العمل معتبر يراعى فيه التفاضل ويستحق فيه الأجر . كالشريكين بأبدانهما ، يقتسمان الكسب على أجور أمثالهما ، وبحسب تفاضلهما في أعمالهما ، وهذا مخرج من قول الشافعي - رضي الله عنه - " أن العامل أجير " ، فعلى هذا يرجع من شرط لنفسه ثلثي الثمرة على صاحبه بنصف أجرة مثله ؛ لأنه شرط على عمله بدلا ، ولم يبذله تطوعا فاستحق نصف الأجرة ، وسقط نصفها ؛ لأن نصف عمله في ملك نفس ، فلم يرجع ببدله ونصفه في ملك شريكه ، فرجع ببدله .
فأما المشترط لنفسه ثلث الثمرة ، فعلى مذهب المزني لا يرجع بشيء من أجرته تغليبا للشرط ، وعلى مذهب أبي العباس بن سريج يرجع بنصف أجرته تغليبا للعقد .