مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " والقياس أن يبدل ما يبقى من الزاد ولو قيل : إن المعروف من الزاد ينقص فلا يبدل كان مذهبا ( قال المزني ) : الأول أقيسهما " .
قال الماوردي : وصورتها في فيه قولان : مسافر اكترى من جمال جملا ليركبه ويحمل مائة رطل من زاد ليأكله في سفره ففني بالأكل أو فني بعضه ، فهل للمكتري أن يبدل ما فني من الزاد بمثله أم لا ؟
أحدهما : له أن يبدل ما فني منه كما يبدل ما سرق منه وكما يبدل المتاع لو تلف بغيره وكما يحمل بدل الماء الذي يشربه وهذا اختيار المزني : لأنه أقيس .
والقول الثاني : لا يبدل ما فني منه بالأكل اعتبارا بالعرف المعهود فيه أن الزاد إذا فني [ ص: 421 ] بالأكل لم يبدل ، فكان العرف فيه أولى أن يعتبر ؛ ولأن أجرة الزاد في العرف أقل من أجرة المتاع لما أسفرت به العادة من إبدال المتاع دون الزاد .
وقال أبو إسحاق المروزي : إن كانت أسعار الزاد في المنازل متقاربة في الرخص والغلاء وكان انقطاعه مأمونا لم يكن له إبداله : لأنه لا غرض في حمل زاد إلى منزل يقدر فيه على مثله بمثل ثمنه ، وإن كان ينتقل إلى منازل تغلو فيها أثمان الزاد فيبدل ما فني منه لا يختلف القول فيه : لأن العرف جار به والقياس دال عليه ، والله أعلم .