فصل : فإذا تقرر جواز ، فعلى الأجير أن يحفر ما استؤجر عليه ويأخذ ما سمي له ، فإن حفر بعضها ثم مات ، أو ظهرت صخرة [ ص: 446 ] لا يقدر على حفرها ، فقد اختلف الفقهاء في قدر ما يستحقه من أجرتها : بماذا يكون معتبرا ؟ فذهب الإجارة على حفر بئر معلومة العمق والدور بأجرة مسماة الشافعي إلى أنه يقوم أجرة ما حفر وأجرة ما ترك ، ثم تقسط الأجرة المسماة عليها ، فما قابل المحفور فهو القدر الذي يستحقه ، ولا يتقسط على عدد الأذرع لا خلاف ما بين العلو والسفل .
مثاله : أن يستأجر على حفر عشرة أذرع في دور معلوم بثلاثين درهما ، فيحفر خمس أذرع ويترك خمسا ، فيقال : كم تساوي أجرة الخمس المحفورة ؟ فإن قيل : خمسة دراهم . قيل : وكم تساوي أجرة الخمس المتروكة ؟ فإن قيل : خمسة عشر درهما ، جمعتهما وجعلت كل خمسة سهما فيكون جميع السهام أربعة ، ثم قسمت الثلاثين التي هي الأجرة المسماة على أربعة أسهم ، يخرج للسهم الواحد سبعة دراهم ونصف وهو الذي يستحقه بالخمس المحفورة .
فإن قيل : تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة ، وتساوي أجرة الخمس المتروكة خمسة عشر درهما ، جعلت كل خمسة دراهم سهما فتكون السهام كلها خمسة ، ثم قسمت الثلاثين المسماة على خمسة أسهم يخرجه لكل سهم ستة دراهم ، فيستحق بالخمسة المحفورة اثني عشر درهما : لأن قسط ما حفر سهمان . فإن قيل : تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة دراهم وأجرة الخمس المتروكة خمسين درهما ، جعلت كل عشرة سهما فتكون السهام كلها ستة ، ثم قسمت الثلاثين عليها يخرج لكل سهم خمسة دراهم وهو الذي يستحقه بالخمسة المحفورة . لأن قسط عمله سهم واحد ، ثم على هذه المبرة ، فهذا مذهب الشافعي وهو قياس أصوله فيما لا يتساوى أجزاؤه .