مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ويجوز كراء الأرض بالذهب والورق والعرض وما نبت من الأرض ، أو على صفة تسميه كما يجوز كراء المنازل وإجارة العبيد " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقد اختلف الناس في على ثلاثة مذاهب : إجارة الأرضين
[ ص: 454 ] أحدها : ما ذهب إليه الحسن البصري ، وطاوس إلى أن إجارة الأرضين باطلة لا تجوز بحال .
والمذهب الثاني : ما قاله مالك بن أنس أن إجارتها جائزة بالذهب والورق ، ولا يجوز بالبر والشعير ، ولا بما ينبت من الأرض .
والمذهب الثالث : ما قاله الشافعي - رضي الله عنه - وأبو حنيفة وجماعة الفقهاء : أنها تجوز بكل معلوم من ذهب أو ورق أو عرض ، أو بما ينبت من الأرض من بر أو شعير أو غيره . واستدل الحسن وطاوس على المنع من إجارتها بحديث رواه ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ابن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض ، فلقيه عبد الله فقال ابن خديج : ماذا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كراء الأرض فقال رافع لعبد الله بن عمر : سمعت عمي وكانا قد شهدا بدرا يحدثان أهل الدار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض فقال عبد الله : والله لقد كنت أعلم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى ، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئا لم يكن يعلمه ، فترك كراء الأرض . أن
وروى ابن المبارك ، عن سعيد أبي شجاع ، عن عيسى بن سهل ، رافع بن خديج قال : إني ليتيم في حجر رافع ، وحججت معه وجاءه أخي عمران بن سهل فقال : أكرينا أرضنا فلانة بمائتي درهم ، فقال : دعه ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض . عن
قال : ولأنه لما لم تجز إجارة النخل والشجر ؛ لكونهما أصلا لكل ثمر فكذلك الأرض : لأنها تجمع الأصل والفرع .