مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو ؛ فإن كانت السنة يمكنه أن يزرع فيها زرعا يحصد قبلها ، فالكراء جائز وليس لرب الزرع أن يثبت زرعه ، وعليه أن ينقله عن الأرض إلا أن يشاء رب الأرض تركه ( قال تكاراها سنة فزرعها فانقضت السنة ، والزرع فيها لم يبلغ أن يحصد الشافعي ) : وإذا شرط أن يزرعها صنفا من الزرع يستحصد ، أو يستقصل قبل السنة فأخره إلى وقت من السنة وانقضت السنة قبل بلوغه فكذلك أيضا ، وإن تكاراها لمدة أقل من سنة وشرط أن يزرعها شيئا بعينه ويتركه حتى يستحصد ، وكان يعلم أنه لا يمكنه أن يستحصد في مثل المدة التي تكاراها ، فالكراء فيه فاسد من قبل أني إن أثبت بينهما شرطهما ، ولم أثبت على رب الأرض أن يبقي زرعه فيها بعد انقضاء المدة أبطلت شرط الزارع أن يتركه حتى يستحصد ، وإن أثبت له زرعه حتى يستحصد أبطلت شرط رب الأرض ، فكان هذا كراء فاسدا ، ولرب الأرض كراء مثل أرضه إذا زرعه ، وعليه تركه حتى يستحصد " .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة : أن ، فلا يخلو حال المدة من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يعلم أن ذلك الزرع يستحصد في مثلها ، والثاني : أن يعلم أنه لا يستحصد في مثلها ، والثالث : أن يقع الشك فيه . يستأجر الرجل أرضا مدة معلومة ليزرعها زرعا موصوفا ، فزرعها ، ثم انقضت المدة قبل استحصاد زرعها
فأما القسم الأول : وهو أن يعلم بجاري العادة أن مثل ذلك الزرع يستحصد في مثل تلك المدة فانقضت المدة قبل استحصاده ، فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون تأخر استحصاده لعدوله عن الجنس الذي شرطه إلى غيره ؛ مثل أن يستأجر خمسة أشهر لزرع الباقلا ، فيزرعها برا ، فتنقضي المدة ، والزرع غير مستحصد ، فهذا يؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده : لأنه بعدوله عن الباقلا إلى البر يصير متعديا فلم [ ص: 458 ] يستحق استيفاء زرع تعدى فيه ، فإن تراضى المؤجر والمستأجر على تركه إلى أوان حصاده بأجرة المثل فيما زاد على المدة أقر ، وإن رضي المستأجر وأبى المؤجر ، أو رضي المؤجر وأبى المستأجر من بذل أجرة المثل قلع .
والقسم الثاني : أن يكون تأخير استحصاده لتأخير بذره من غير عدول عن جنسه ، فهذا مفرط ، ويؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده : لأن تفريطه لا يلزم غيره ، فإن بذل أجرة مثل المدة الزائدة ورضي المؤجر بقبولها ترك ، وإلا قلع .
والقسم الثالث : أن يكون تأخير استحصاده لأمر سمائي من استدامة برد ، أو تأخير مطر ، أو دوام ثلج ، ففيه وجهان :
أحدهما : يترك إلى وقت استحصاده : لأنه لم يكن من المستأجر عدوان ولا تفريط ، فإذا ترك إلى وقت الحصاد ضمن المستأجر أجرة مثل المدة الزائدة على عقده .
والوجه الثاني : أن يؤخذ بقلع زرعه ولا يترك : لأنه قد كان يقدر على الاستظهار لنفسه في استزادة المدة خوفا من حادث سماء ، فلما لم يستظهر صار مفرطا .