مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كانت الأرض ذات نهر مثل النيل وغيره مما يعلو الأرض على أن يزرعها زرعا لا يصلح إلا بأن يروى بالنيل لا بئر لها ، ولا مشرب غيره فالكراء فاسد " .
قال الماوردي : وصورتها في كأرض أرض على نهر يعلو على ماء البئر ، فلا يقدر على سقيها إلا بأن يزيد ماء ذلك النهر حتى يعلو فيسقط النيل ، والفرات ، وما انحدر من أرض دجلة ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يؤجرها عند زيادة الماء وعلوه ، وإمكان سقي الأرض به ، فالإجارة جائزة لوجود الماء وإمكان الزرع ، وليس ما يخاف من صدور نقصانه بمانع من صحة الإجارة لأمرين :
أحدهما : أن ما يظن من حدوث الأسباب المفسدة للعقد لا يمنع في الحال من صحته ، كموت العبد ، وانهدام الدار .
والثاني : أن حدوث النقصان إنما يكون عرفا بعد اكتفاء الأرض وارتواء الزرع فلم يكن له تأثير .
والضرب الثاني : أن يؤجرها عند نقصان الماء وقبل زيادته ؛ فالإجارة باطلة لأمرين :
أحدهما : أن زرعها بعد العقد غير ممكن ، فصار استيفاء المنفعة متعذرا .
والثاني : أن حدوث الزيادة مظنون قد يحدث ولا يحدث ، وقد يحدث منها ما يكفي وما لا يكفي ، فلهذين بطلت الإجارة .