فصل : فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل من ثلاثة أقسام : حال من استأجر أرضا لزرع الحنطة
أحدها : أن يستأجرها لزرع الحنطة ، وما أشبهها فيجوز له - بوفاق داود - أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة ؛ مما يكون ضرره مثل ضرر الحنطة أو أقل ، إلا أن داود يجيزه بالشرط ، ونحن نجيزه بالعقد ، والشرط تأكيد .
والقسم الثاني : أن يستأجرها لزرع الحنطة ، ويغفل ذكر ما سوى الحنطة ، فهذا القسم الذي خالف فيه داود ، فمنعه من زرع غير الحنطة ، ويجوز له عندنا أن يزرعها غير الحنطة مما ضرره كضرر الحنطة أو أقل .
والقسم الثالث : أن يستأجرها لزرع الحنطة على أن لا يزرع ما سواها ، ففيه ثلاثة أوجه حكاها ابن أبي هريرة :
أحدها : أن الإجارة باطلة : لأنه شرط فيها ما ينافي موجبها .
والوجه الثاني : أن الإجارة جائزة ، والشرط باطل ، وله أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة : لأنه لا يؤثر في حق المؤجر فألغي .
والوجه الثالث : أن الإجارة جائزة ، والشرط لازم ، وليس له أن يزرعها غير الحنطة : لأن منافع الإجارة إنما تملك بالعقد على ما سمي فيه ، ألا تراه لو استأجرها للزرع لم يكن له الغرس ، فكذلك إذا استأجرها لنوع من الزرع .