فصل : وأما  حمى الواحد من عوام المسلمين   فمحظور وحماه مباح : لأنه إن حمى لنفسه فقد تحكم وتعدى بمنعه ، وإن حماه للمسلمين فليس من أهل الولاية عليهم ، ولا فيمن يؤثر اجتهاده لهم ، وقد روى  أبو هانئ   ، عن  أبي سعيد   ، عن  أبي هريرة   قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :  لا تمانعوا فضل الماء ، ولا فضل الكلأ ، فيعزل الماء ويجوع العيال  فلو أن رجلا من عوام المسلمين حمى مواتا ، ومنع الناس منه زمانا رعاه وحده ، ثم ظهر الإمام عليه ، ورفع يده عنه ، ولم يغرم ما رعاه : لأنه ليس لمالك ، ولا يعزره : لأنه أحد مستحقيه ونهاه عن مثل تعديه ، فأما أمير البلد ووالي الإقليم إذا رأى أن يحمي لمصالح المسلمين كالإمام فليس له ذلك إلا بإذن الإمام : لأن اجتهاد الإمام أعم ، ولكن لو أن والي الصدقات اجتمعت معه مواشي الصدقة وقل المرعى لها وخاف عليها التلف إن لم يحم الموات لها ، فإن منع الإمام من الحمى كان والي الصدقات أولى ، وإن جوز الإمام الحمى ففي جوازه لوالي الصدقات عندما ذكرنا من حدوث الضرورة به وجهان :  
أحدهما : يجوز كما يجوز من غير الضرورة ، فعلى هذا يتعزر الحمى بزمان الضرورة ، ولا يستديم بخلاف حمى الإمام .  
والوجه الثاني : لا يجوز أن يحمي : لأنه ليس له أن يرفع الضرر عن أموال الفقراء      [ ص: 485 ] بإدخال الضرر على الأغنياء ويكون الضرر إن كان بالفريقين معا ، وهذا أصح الوجهين ، والله أعلم .  
				
						
						
