مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ويقبض للطفل أبوه ، نحل أبو بكر عائشة - رضي الله عنهما - جداد عشرين وسقا ، فلما مرض قال : وددت أنك كنت قبضتيه ، وهو اليوم مال الوارث ( ومنها ) بعد الوفاة الوصايا وله إبطالها ما لم يمت " .
قال الماوردي : وهذا صحيح إلا أن السفيه يصح أن يقبل الهدية ، والطفل والمجنون لا يصح منهما قبول الهدية : لأن لقول السفيه حكما وليس لقول الطفل والمجنون حكم ، وإذا كان هكذا فالقابل للطفل والمجنون وليهما من أب أو وصي أو أمين حاكم وهو القابض لهما بعد القبول ، وأما السفيه فهو العائل ووليه هو القابض فإن قبضها السفيه تمت الهبة أيضا ، ولو قبضها الطفل والمجنون لم تتم الهبة ، والفرق بينهما ظاهر فإن كان الواهب للطفل أباه فهل يحتاج في عقد الهبة إلى لفظ بالبدل والقبول أم لا ؟ على وجهين : تجوز الهبة لكل من صح منه الملك من طفل ، أو مجنون ، أو سفيه
أحدهما : لا يحتاج إليه بل ينوي به : لأنه يكون مخاطبا نفسه .
والوجه الثاني : لا يريد من عقد بالقبول ، فيبذل من نفسه لابنه بنفسه فيكون في البذل والإقباض شائبا عن نفسه ، وفي القبول والقبض نائبا عن ابنه ، فأما أمين الحاكم فلا يصح ذلك منه إلا أن يقبله منه قابل ويقبضه منه قابض ، وكذلك وصي الأب وهما معا بخلاف الأب كما خالفاه في بيعه وشرائه .