فصل : فإذا صار مالكها كما ذكرنا فقد ضمنها لصاحبها ، فمن جاء طالبا لها رجع بها إن كانت باقية ، وليس للمتملك أن يعدل به مع بقائها إلى بدلها ، وإن كانت تالفة رجع ببدلها ، فإن كانت ذا مثل رجع بمثلها ، وإن كانت غير ذي مثل رجع بقيمتها حين تملكها : لأنه إذ ذاك صار ضامنا لها ، فإن اختلفا في القيمة فالقول قول متملكها : لأنه غارم ، فلو كانت عند مجيء صاحبها باقية بعينها لكن قد حدث فيها نماء منفصل ، رجع بالأصل دون النماء : لحدوث النماء على ملك الواجد ، فلو عرف الواجد صاحبها ، وجب عليه إعلامه بها ، ثم ينظر ، فإن كان ذلك قبل تملكها فمؤنة ردها على صاحبها دون الواجد كالوديعة ، فإن كان قصد أن يتملكها الواجد فمؤنة [ ص: 16 ] ردها عليه دون صاحبها : لبقائها على ملكه ما لم تصل إلى يد صاحبها . وقال الكرابيسي : ، ولكن له الرجوع بها بعد التملك ، وإن كانت باقية بعينها . استدلالا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا تملك الواجد اللقطة فلا غرم عليه لصاحبها ، وروي : إلا فهي لك . فلم يجعل عليه بدلا ، ولأنه تملك كالركاز ، فلما ملك الركاز بغير بدل ملك اللقطة أيضا بغير بدل . فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها
وهذا قول خالف فيه نص الشافعي وجمهور الفقهاء : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا - عليه السلام - بالغرم ، فلما أعسر غرمه عنه ، ولأن مقصود اللقطة حفظها على مالكها ، وفي إسقاط الغرم استهلاك لها ، ولأن ملك المسلم لا يستباح من غير اختياره إلا ببدل ، كأكل مال الغير ، فأما الركاز فليس المقصود به حفظه على مالكه ، ولذلك سقط تعريفه وصار كسبا محضا لذلك وجب خمسه ، فافترقا .