مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن كان حرا غير مأمون في دينه ففيها قولان : أحدهما أن يأمر بضمها إلى مأمون ويأمر المأمون والملتقط بالإنشاد بها . والقول الآخر : لا ينزعها من يديه ، وإنما منعنا من هذا القول لأن صاحبها لم يرضه " ( قال المزني ) : " فإذا امتنع من هذا القول لهذه العلة ، فلا قول له إلا الأول ، وهو أولى بالحق عندي ، وبالله التوفيق " ( قال المزني ) - رحمه الله - : " وقد قطع في موضع آخر بأن على الإمام إخراجها من يده لا يجوز فيها غيره ، وهذا أولى به عندي " .
[ ص: 21 ] قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا ففيه قولان منصوصان : كان واجد اللقطة غير مأمون عليها
أحدهما : أنها كسب لواجدها وإن كان غير مأمون كالركاز ، فتقر في يده ولا تنتزع منه ، فعلى هذا اختلف أصحابنا هل يضم إليه أمين يراعيها معه حفظا لها أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أنه لا اعتراض عليه فيها بحال ، ويكون هو المقيم بحفظها وتعريفها من غير أن يكون لغيره نظر فيها . والوجه الثاني وهو قول أبي علي الطبري في الإفصاح : أن الحاكم يضم إليه أمينا يراعي حفظها في يد الواجد استظهارا للمالك وإن لم تنتزع لما تعلق بها من حق الواجد . والقول الثاني وهو الأصح واختاره المزني : أن الحاكم ينتزعها من يد الواجد إذا كان غير مأمون عليها ، ويدفعها إلى من يوثق به من أمنائه : لأن الحاكم مندوب إلى حفظ أموال من غاب ، ولأن مالكها لم يرض بذمة من هذه حاله ، ولأن الوصي لما وجب انتزاع الوصية من يده لفسقه مع اختيار المالك له فلأن يخرج يد الواجد الذي لم يختره أولى ، فعلى هذا القول إذا أخرجها الحاكم من يده إلى أمين يقوم بحفظها ، ففي الذي يقوم بتعريفها قولان : أحدهما رواه المزني : أن الأمين هو الذي يقوم بتعريفها خوفا في جناية الواجد في تعريفها . والقول الثاني في الأم : أن الواجد هو المعرف دون الأمين : لأن التعريف من حقوق التمليك وليس فيه تقرير : لأنها لا تدفع بالصفة ، فإذا عرفها حولا ولم يأت صاحبها ، فإن أراد الواجد أن يتملكها سلمت إليه وأشهد الحاكم عليه بغرمها إذا جاء صاحبها ، وإن لم يختر أن يتملكها كانت في يد الأمين .