فصل : فإذا قلنا : إن حكم البادية والمصر سواء فله أخذ الغنم وأكلها ، وليس يتعرض للإبل إلا أن يعرف مالكها ، وإذا قلنا : إن حكم المصر يخالف البادية للمعنى الذي ذكرنا ، فله أخذ الإبل والغنم جميعا ويكونان لقطة يلزم تعريفها حولا ، فإن تطوع الواجد بالإنفاق عليها لم يرجع بما ينفق ، وإن أبى أن يتطوع بها أتى الحاكم حتى يجتهد الحاكم رأيه في الأحظ لصاحبها في أحد ثلاثة أمور : إما أن يرى الاقتراض على صاحبها في الإنفاق عليها ، أو يرى بيعها لصاحبها ليكفي مؤنة النفقة عليها ، أو يرسلها في الحمى إن كان لضوال المسلمين حمى ، ثم يقوم الواجد على تعريفها ، إلا أن يدفعها إلى الإمام رافعا ليده عنها فيسقط عنه حكم [ ص: 27 ] تعريفها ، وإلا فما كان مقيما على التقاطها فتعريفها حولا واجب عليه ، فإن جاء صاحبها سلمت إليه إن كانت باقية بعد أن يدفع النفقة إن كان بأمر الحاكم ، وإن بيعت سلم إليه ثمنها دون القيمة إن باعها حاكم أو بأمره ، وإن كان الواجد هو البائع لها ، فلصاحبها قيمتها دون الثمن لفساد بيعه ، إلا أن يقدر على استئذان حاكم فيجوز بيعه ، وإن لم يأت صاحبها بعد الحول ، فهل لواجدها أن يتملكها ؟ على ثلاثة أوجه حكاهاابن أبي هريرة :
أحدها : يجوز له أن يتملكها اعتبارا بحكم اللقطة .
والوجه الثاني : لا يجوز له أن يتملكها لقوله - صلى الله عليه وسلم - : . ضالة المؤمن حرق النار
والوجه الثالث : إن كان قد أنفق عليها جاز له أن يتملكها ، وإن لم ينفق عليها لم يجز أن يتملكها ليكون ذلك أحث على الإنفاق وأرفق بالفريقين .